تلك الحقيقة الشرعيّة؛ لما عرفت من البينونة بين المعاني، و من استعمال تلك الألفاظ في خصوصيّات المصاديق، و من عدم انحصار الحقيقة الشرعيّة بالوضع التعيينيّ.
و من هنا يظهر وجه ذكر الآيات للاستدلال بها على عدم الحقيقة الشرعيّة [1]، فإنّها شاهدة على عدم حدوث اللغات، و لا نظر فيها إلى حدوث المعاني و عدمه.
نعم، هي أيضا شاهدة على عدم حدوث المعاني أيضا، و ربّما يظهر منها و من أمثالها استباق بعض الماهيّات العباديّة على شريعة الإسلام أيضا.
إن قيل: كما يستبعد الوضع التعيينيّ بالاستعمال، كذلك يستبعد الوضع التعيّني بكثرة الاستعمال.
قلنا: لا وجه له؛ بداهة أنّه بذاته أمر مستبعد حتّى قيل بامتناعه [2]، بخلاف الثاني؛ فإنّ إطلاق الألفاظ و إرادة المعاني الخاصّة منها و إن لم يكن من الاستعمال المجازيّ عندنا، و لكنّه مجاز؛ بمعنى عدم اتحاد المراد الجدّي و الاستعماليّ، و إذا كان ذلك كثيراً يصبح تلك الألفاظ ظاهرة في مرادات الشرع المقدّس، فيحصل الربط قهراً؛ و الوضع بلا اختيار.
و دعوى احتياج ذلك إلى القرينة، و هي مفقودة إلاّ في بعض المواقف الشاذّة [3]، مسموعة و لكنّها لا تضرّ؛ و ذلك لأنّ القرائن المنفصلة كافية فيما كانت القوانين المجعولة في الكتاب و السنّة، غير قابلة للإجراء بعد الجعل، فإذا احتاج إجراؤها إلى مضيّ مدّة، فلا مانع من تأخير القرينة إلى تلك الحال.