نام کتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد جلد : 6 صفحه : 316
ومن هنا قد يقال : إنه لا ينفع قيام الدليل على جوازه أو عدم جوازه عند المجتهد ، بل لا أثر له ، لعدم كونه موردا لعلمه وعدم رجوع العامي له فيه . بل هو المتعين بناء على ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره من أن مشروعية التقليد للعامي من البديهيات الجبلية الفطرية المستغنية عن الدليل ، ولوا ذلك لا نسد باب الامتثال في حقه ، لتعذر الرجوع عليه للأدلة الشرعية التفصيلية من الكتاب والسنة ، وتعذر تقليده فيه ، لما سبق . إلا أنه كما ترى لا مجال للبناء عليه ، لوضوح أن التقليد كسائر الأمور التي جرت عليها سيرة العقلاء الارتكازية القابلة للامضاء والردع . ولذا جرت سيرة الأصحاب على الاستدلال بالأدلة الشرعية الظاهرة في الامضاء ، وكثر النقض والابرام منهم في ذلك ، ولم يعهد منهم دعوى امتناع الردع عنه ، ولا الانكار على المخالف فيه بأنه خارج عن البداهة . بل لا ريب في شيوع الخلاف في بعض خصوصياته ، كتقليد الميت والأعلم ، مع أنها مشاركة لأصل التقليد في طبيعة الحكم وملاكه ، فلولا كونه أمرا محتاجا للدليل غير مستغن عنه بالبداهة لما وقع ذلك . وأما انسداد طريق الامتثال على العامي بدونه ، فهو ممنوع ، لامكان جعل الشارع ما يخلفه على تقدير ردعه عنه ، يصل إليه العامي بنفسه . إلا أن يريد به انسداده في الواقع القائم ، حيث يعلم بعدم جعل شئ اخر يقوم مقامه ، فيرجع إلى بيان أثر منع التقليد الخارجي لا محذوره العقلي فهو أشبه بالاشكال النقضي ، الذي لا تنحل به الشبهة . ومن ثم ذكر شيخنا الأستاذ قدس سره أن ما هو البديهي الفطري هو مسألة وجوب التقليد ، وهو الذي يدركه العامي بنفسه من غير حاجة للدليل التفصيلي والتقليد ، وأما التقليد في الاحكام الفرعية - الذي هو محل للكلام - فهو نظري محتاج للاستدلال ، ويختص بمعرفته المجتهد بعد النظر في الأدلة من الكتاب
نام کتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد جلد : 6 صفحه : 316