نام کتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد جلد : 5 صفحه : 276
بأفعال المكلفين المبرزتين بالخطاب ، وحيث كان موطن الإرادة والكراهة - كغيرهما من الأمور النفسية ، كالحب والبغض - ليس هو الخارج بل الذهن ، امتنع اشتراطهما بالأمور الخارجية ، ولزم كون الشرط لهما هو لحاظ الموضوع والشرط ، لان مبادي وجود كل شئ من سنخ وجوده ، فإن كان ذهنيا كانت ذهنية ، وإن كان خارجيا كانت خارجية . وحيث كان لحاظ الشرط والموضوع فعليا كان الحكم فعليا ، غايته أن إناطته بلحاظ الشرط والموضوع موجبة لعدم محركيته عقلا إلا بفعليتهما في الخارج ، فالوجود الخارجي ليس شرطا في فعلية الحكم بل في محركيته عقلا ، كالعلم به . وقد تعرض لذلك في الجملة في مبحث الاستصحاب التعليقي ، وخصه بالأحكام التكليفية ، لبنائه على انتزاعها من الإرادة والكراهة التشريعيتين ، وليست من الجعليات الاعتبارية . أما الأحكام الوضعية المتقومة بالجعل والاعتبار فلا مانع من دعوى إناطتها بوجود الموضوع خارجا ، على غرار القضايا الحقيقية ، فلا تكون فعلية إلا في ظرف فعلية موضوعاتها ، ولابد من توجيه الاستصحاب التعليقي فيها من طريق آخر ، وقد اعتمد فيها على الوجه السابق ، الذي عرفت حاله . أقول : حديث السنخية إنما يقتضي كون إرادة المولى الحاصلة حين الخطاب بالكبرى مسببة تكوينا عن لحاظ الموضوع ، كما هي مسببة عن لحاظ الملاك والمصلحة الداعية للخطاب ونحو ذلك من متعلق التكليف وغيره ، وهو الحال في الأحكام الوضعية الجعلية ، لأن الاعتبار لما كان مبنيا على الادعاء الذي هو أمر ذهني ، فهو مسبب تكوينا عما هو من سنخه من لحاظ الموضوع والمصلحة ونحوهما ، فلا وجه للفرق بين الأحكام التكليفية والوضعية من هذه الجهة .
نام کتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد جلد : 5 صفحه : 276