نام کتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد جلد : 3 صفحه : 73
ومما ذكرنا يظهر أنه لا موجب للبناء على كون الحجية منتزعة من الحكم الطريقي ، وهو وجوب العمل بالحجة شرعا . كيف ولازمه كون الحجية في الاحكام الالزامية مباينة للحجية في الاحكام الترخيصية ؟ ! لاختلاف منشأ انتزاعهما ، لان الأولى منتزعة من وجوب العمل بالحجة ، والثانية منتزعة من جوازه لا وجوبه . مضافا إلى أن المرتكز وجوب العمل بالحجة من الاحكام العقلية المتفرعة على الحجية ، والحجية من الأمور الاعتبارية القابلة للجعل ، كما يشهد به التوقيع الشريف : ( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ) [1] ، فإنه ظاهر في تأصل الحجية بالجعل وترتب العمل عليها ، لا أنها منتزعة من وجوب العمل ، على ما هو التحقيق في سائر الأحكام الوضعية ، وإن فارقتها في أن ترتب العمل عليها عقلي ، وعلى سائر الأحكام الوضعية شرعي . على أن مجرد الامر بالعمل على طبق الطريق يستلزم حجيته ، بل إن كان تعبديا لمحض احتمال إصابة الواقع نظير الامر بالاحتياط لم يستلزم الحجية ، وإن كان متفرعا على صلوح الطريق شرعا لاثبات مؤداه ، بحيث يعتمد عليه في البناء عليه ويكون العمل بالمؤدى بعد ثبوته ، كما يعمل عليه مع انكشافه بالعلم الوجداني ، كان مستلزما للحجية . ومرجع ذلك إلى أن الحجية أمر اعتباري قابل للجعل يترتب عليه العمل عقلا ، كما ذكره المحقق الخراساني قدس سره وليست منتزعة من وجوب العمل على طبق الطريق ، كما ذكره بعض الأعيان المحققين قدس سره . نعم ، وجوب العمل عقلا بالحجة طريقي في طول وجوب إطاعة التكاليف الشرعية ، لرجوعه إلى إحراز الصغرى بعد الفراغ عن الكبرى . كما أن
[1] الوسائل ج 18 : 101 باب 11 من أبواب صفات القاصي حديث 9 .
نام کتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد جلد : 3 صفحه : 73