نام کتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد جلد : 3 صفحه : 253
مع أن الآية مختصة بالاخبار عما أنزله الله تعالى ، وهو وظيفة المجتهد دون الراوي ، لأنه إنما يحكى كلام الامام ، وهو وإن كان ملازما لما أنزله الله تعالى ، إلا أنه غير محكي له ، كما تقدم نظيره في الآية السابقة . فلاحظ . الآية الرابعة : قوله تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ، فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) [1] ، فإنه ظاهر في أن وظيفة الجاهل السؤال من العالم والقبول عنه ، فيكون دالا على إمضاء سيرة العقلاء على قبول خبر الثقة ، لورودها في مقام الاحتجاج على الكفار ، وإبطال زعمهم في امتناع بعث البشر ، فإن مقام الاحتجاج لا يناسب اللجوء للقضايا التعبدية المحضة ، بل ينبغي الاستعانة فيه بالقضايا الارتكازية العامة التي لا يتسنى للخصم إنكارها . ومنه يظهر الوجه في اختصاصها بما إذا كان المخبر ثقة ، كما تقدم في آية النفر نظيره . كما يظهر اندفاع ما ذكره شيخنا الأعظم قدس سره وسبقه إليه في الفصول من أن ظاهر الآية بقرينة السياق إرادة علماء أهل الكتاب ، كما عن بعض المفسرين . إذ فيه : أن ورود القضية مورد الامضاء لسيرة العقلاء الارتكازية موجب لالغاء خصوصية موردها عرفا لو فرض عدم العموم فيها لفظا . ومثله في الاشكال ما ذكره قدس سره من أنه ليس المراد بأهل العلم مطلق من علم ولو بسماع رواية من الامام ، وإلا لدل على حجية قول كل عالم بشئ ولو بطريق الحس ، مع أنه يصح سلب هذا العنوان عنه ، بل المتبادر من وجوب سؤال أهل العلم هو سؤالهم عما يعدون عالمين به ، فينحصر مدلوله في التقليد دون الرواية . فإنه يندفع : بأن الظاهر صدق العنوان على الرواة لا خصوص المجتهدين عملا بإطلاق العلم الشامل للعلم الحسي ، وهو المناسب لمورد الآية ، لوضوح