نام کتاب : المحكم في أصول الفقه - ط مؤسسة المنار نویسنده : الحكيم، السيد محمد سعيد جلد : 3 صفحه : 245
نعم ، قد يقال : إذا كان الدليل متعرضا لموضوع حكم دليل آخر ومنقحا له يكون حاكما على ذلك الدليل ومتقدما عليه رتبة ، وحيث يمتنع اتحاد الحاكم والمحكوم ، لاستلزامه تقدم الدليل على نفسه ونظره لها ، يمتنع دخول الحكم الحجية في جميع أخبار الوسائط تحت دليل واحد ، لأنه حيث كان كل منها منقحا لموضوع الآخر كان دليله حاكما على دليله ، فيلزم اتحاد الحاكم والمحكوم . لكنه مندفع : بأن الترتب والتحاكم في مثل المقام إنما يكون بين نفس الحكمين ، لترتب موضوع أحدهما على الآخر إثباتا ، ونسبته إلى الدليلين بالعرض وقد عرفت أنه لا مانع من شمول العام للأحكام المترتبة ثبوتا فضلا عن المترتبة إثباتا ، وإنما يكون التحاكم بين الدليلين حقيقة فيما لو كان أحدهما ناظرا للآخر وشارحا له بما هو دليل ، وفي مثله يمتنع اتحاد الدليل الحاكم والمحكوم . وتمام الكلام في مبحث التعارض . ثم إن هذه الوجوه الثلاثة من الاشكال مختصة بعمومات حجية الخبر القابلة للتخصيص ، ولا تجري في الأدلة اللبية من الاجماع والسيرة ونحوهما ، إذ هي - لو تمت - قطعية لا تبقي مجالا للوجوه المذكورة ، وإلا لم تصلح للدليلية ، فلا موضوع للاشكال عليها بما تقدم ، كما لا يخفى . هذا تمام الكلام في آية النبأ ، وقد أطلنا الكلام فيها تبعا لما ذكره مشايخنا في المقام . ومن الله سبحانه نستمد العون ، وبه الاعتصام . الآية الثانية : التي استدل بها على حجية خبر الواحد قوله تعالى : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) [1] . ولعل الأولى في تقريب الاستدلال بها أن يقال : هي ظاهرة في وجوب