و إقامتها، و الذم على من كتمها مثل قوله تعالى وَ أَقِيمُوا الشَّهٰادَةَ لِلّٰهِ[1] و كُونُوا قَوّٰامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدٰاءَ لِلّٰهِ[2]. و قوله تعالى وَ لٰا يَأْبَ الشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا[3].
و قوله تعالى وَ مَنْ يَكْتُمْهٰا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ[4]. و قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلْنٰا مِنَ الْبَيِّنٰاتِ وَ الْهُدىٰ. الآية [5]. و قوله تعالى وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهٰادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللّٰهِ[6]. و وجه الدلالة: أن الشهادة لغة و عرفا بمعنى الأخبار عما يطلع عليه الإنسان كما تشهد به الأمارة [7] و متى ما وجب إقامتها و تحملها و حرم كتمانها علم أن إظهارها نافع و مؤثر و مقبول. و احتمال لزوم الإظهار حتى يصير قطعيا متواترا في كمال البعد، فإن الشهادة في العرف واضحة المعنى، و ليس ثمرتها عندهم حصول القطع، بل إتمام الحجة و حصول الوثوق. كما أن احتمال تنزيلها على موضع ثبت من الشرع فيه قبول الشهادة و البينة خلاف الظاهر، بل الظاهر من هذه الآيات عموم حجية الشهادة، و هي تصدق على العدلين قطعا، و على الواحد أيضا بمقتضى العرف و اللغة، إلا أن الإجماع قام على اعتبار التعدد في الشهادة.
و تاسعها: ما دل من كون البينة على المدعي
[8] و لا ريب في صدق البينة على العدلين، لأن البينة ما به يتبين الشيء و يستكشف، و العدلان مما يحصل به البيان عرفا، فلا وجه لما يقال: إن هذه الرواية دلت على كون ما به البيان على المدعي، و أما أن ما به البيان أي شيء، فهو موكول إلى الشرع. بل ربما يمكن أن يقال: إن البينة حقيقة في شهادة العدلين في زماننا و ما قبله، بل قبل الشرع أيضا كانوا يطلقون البينة على الشهادة، فيكون المعنى: إقامة الشهادة على المدعي، و لا ثمرة