و سادسها: أن هذه لو لم تفد اللزوم لزم من ذلك لزوم التكلف في إجراء الصيغ الخاصة في إفادة اللزوم، و هو مما فيه العسر الشديد و الحرج الوكيد المنفيان بالآية و الرواية [1] سيما على غير العربي [من الألسنة المتفرقة [2]] و سابعها: أنه لو لم تكن هذه المعاطاة لازمة مع كثرة تداولها و انتشارها بين الناس لجاز لكل أحد أن يأخذ بالمعاطاة و يرد إلى صاحبه بعد ذلك، و هو موجب للهرج و المرج الذي ليس مبنى الشرع إلا لقطعه، فتدبر. و ثامنها: أن المعاطاة لو لم تكن كافية في اللزوم للزم عدم خلو الأخبار عن تعليم صيغ العقود الملزمة، لأن مقصود الناس غالبا اللزوم، و مثل هذا الأمر مع عموم البلوى لا ينبغي أن يخفى، مع أنه لم ينقل في زمن الأئمة [(عليهم السلام)] كونهم يعلمون الناس كيفية إجراء الصيغ، و لم يرد في الروايات كذلك، و هو من أقوى الشواهد على أن المعاطاة كافية في اللزوم. و للقائلين بعدم اللزوم: أصالة عدمه، و الإجماع المنقول المستفيض، و في عبائر جماعة منهم: دعوى الإجماع المحصل [3] لعدم مخالفة المفيد حقيقة [4] و عدم كون خلاف المقدس قادحا، و نهي النبي (صلى الله عليه و آله) عن بيع الملامسة و المنابذة و رمي الحصاة [5] مع اشتمالها على المعاطاة، و ليس إلا لنفي اللزوم. مضافا إلى أن المعاطاة لو أفادت اللزوم لنافت مشروعية العقود و لزمت اللغوية فيها [6] و هذا في قوة التخطئة لجميع الأصحاب الذين ذكروا العقود و نصوا على عدم كفاية المعاطاة، و ليس لهذا الكلام مورد سوى نفي اللزوم لو قلنا بأنه يفيد الملك، و هذا مما يقطع بفساده.
[3] منهم ابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهية): 524، و قال الشهيد الثاني: «كاد أن يكون إجماعا» المسالك 3: 147، و مثله المحدّث البحراني في الحدائق 18: 348.