و صحيحة هشام: الله أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقون [1]. و قوله (عليه السلام): (هذا دين الله الذي أنا عليه و آبائي) عند قول حمزة: إن الله لم يكلف العباد ما لا يستطيعون و لم يكلفهم إلا ما [يستطيعون، و] [2] يطيقون [3]. و الرواية النبوية في التسعة المرفوعة عن هذه الأمة، منها: ما لا يطيقون [4]. و يدلُّ عليه أيضا العقل القاطع، فإن قبح ذلك مما لا ينكره العقلاء من حيث هم كذلك. و إجماع علمائنا و أكثر المخالفين لنا. و لا كلام أيضا في جواز التكليف بما دون العسر بمعنى: السعة و اليسر و السهولة بل وقوعه، و قد نطق الكتاب و السنة بوقوع ذلك، كما عرفت. و إنما البحث في الواسطة بينهما، بمعنى: كونه مما يطاق و فوق اليسر و السهولة. و قد ورد التعبير عن هذه المرتبة في النصوص بلفظ: الضيق، و الإصر، و الحرج، و العسر. و فسر (الأصر) في كلمات أهل اللغة بالضيق و الحبس و الثقل. و فسر (الحرج) أيضا بالضيق. و فسر (العسر) بالصعوبة و الشدة. و هذه كلها متقاربة مفهوما و مصداقا. و يظهر من البعض أن لهذه [5] الواسطة أيضا مرتبتين: مرتبة العسر، و مرتبة الحرج، و هي أشد من الاولى. و الحاصل: أن كلامنا في أن مرتبة العسر و الحرج هل هو منفي في هذه الشريعة كد (ما لا يطاق) أو واقع كد (ما دون العسر)؟ فعلى الأول: يكون العسر و الحرج أيضا من القواعد غير القابلة للتخصيص، و لا يكون من باب الأصل. و على الثاني: يكون قابلا لورود دليل عليه يخصصه.