ومنهم من عمل الرّكاب ، وطاف ما أمكنه الوصول إليه من بقاع الأرض بالسياحة حتى يشاهد حال البلدان والدّول في الحال ، ويثبّته في مؤلفات جديدة يوضّح فيها ما شاهد من رحلاته ، ولا يبالي بمشقات السفر وعوارض الاغتراب والبعد عن الأهل والوطن. كل ذلك له نفاسة [٣] ما هو فيه من خدمة أبناء عصره بتحقيق أخبار البلاد الشاسعة حتى يصير هذا الاغتراب عن الأهل والأتراب ديدنا له لا يتناءى [٤] عنه ويقضي فيه حياته ، ويقول مصعب العقلى : (الطويل)
ولهذا قد تصدّى كثير من متبصّري المسلمين والفرنجة [٦] من أهالي أوروبا وغيرها للسياحة [٧] لإفادة أبناء جنسهم عن [٨] أحوال الأمم التي لم تكن على نحو مألوفاتهم ، وبذلك يتحققون معنى سعة أرض الله وكثرة جنود ربك واختلاف ألوان الناس وألسنتهم ، ويخلّدونها في بطون الأوراق لإفادة أمم جميع الآفاق.
[١] أ ، ب : الحسين وهو : الحسن بن علي الطائي (٤١٢ / ١٠٢١ ـ ٤٩٨ / ١١٠٥) فقيه شاعر لغوي ، من تصانيفه : المقنع في شرح كتاب ابن جنّي. كحّالة : معجم ٣ / ٢٦٢.