ورأى السفن لجانب البر سراعا ، فصحّ الأمر عنده بما انضمّ من القرائن إلى الأنباء ، وبقي مترددا في الجماعة بين القتل والإحياء [١]. ثم عزم على استبقائهم ، وأمر باستدعائهم ، فسمح لهم بالصّفح والعفو ، وعرّفهم بخبر العدو ، وأمرهم بالتجهز للغزو ، فخرجوا إلى دورهم ، وكأنما أنشروا من قبورهم [٢]. وتقدّم الوالي بالتنوير في البرج المنيف ، وجعله في استنفار الرعية علامة هي مناط التكليف ، فقال الناس نار وراءها جندلة المراجم [٣] ، / ٢٣ / ووافدها وافد البراجم [٤]. وإنما أراد أن يوقع في شرك شررها ، وتتم له حيلة تبسّطنا من
ـ بانتالوPantaleu وهي القوات التي خاضت أول معركة مع المسلمين في سانتا بونزا ، وذهب القسم الآخر إلى ميناء بوراساPorrasa حيث التقى بالمسلمين في معركة بورتوبي الواقعة على بعد ٥ كلم من مدينة ميورقة في الثامن عشر من شهر شوال. يوسف أشباخ ، تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين ، ج ٢ ، ص ١٧٢.
ClementsMarkham. The Story of MajorcaandMinorcapp ٣١ ـ ٦١.
[٢] كناية عن الوضع الصعب الذي كان يعاني منه الأسرى.
[٣] الجندل : الحجارة والواحدة جندلة. والمراجم جمع مرجام وهو الذي ترجم وترمى به الحجارة.
قال أمية الهذلي :
تمرّ كجندلة المنجنيق
يرمي بها السور يوم القتال
الفيروز آبادي ، القاموس المحيط ، ص ١٠٠٢. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ١٢٨.
[٤] إن الشقي وافد البراجم : مثل عربي يضرب لمن يوقع نفسه في هلكة طمعا. والقائل هو عمرو بن هند الملك ، والسبب هو أن سويد بن ربيعة التميمي قتل أخاه وهرب ، فنذر الانتقام وأحرق به مائة من تميم وتسعة وتسعين من بني دارم وكلهم من النساء والصبيان ، ولم يقتل سوى رجلا واحدا من البراجم يسمّى عمارا. وكان عمرو بن هند الملك قد أعدّ ذات يوم نارا ليحرق بها عجوزا تميمية ، فلما رأى عمار الدخان يسطع قصده ظنا منه أنه طعام ، فوجد عنده عمرو بن هند في رجاله. وبعد أن سأله عن سبب قدومه قال له : إن الشقي وافد البراجم ، وأمر به فألقي في النار ، وذهبت كلمته مثلا وفي ذلك يقول جرير :