responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ميورقة نویسنده : أبي المطرّف أحمد بن عميرة المخزومي    جلد : 1  صفحه : 93

بيان ما أحدثه الوالي ممّا أضرم نار الحرقة وأبرم أسباب الفرقة

وعند خلاء الجو ، وجلاء أهل البدو ، ثارت أراقم [١] ضغنه ، وكرّ بالأبطال على نصّ أمنه ، وأمر صاحب شرطته أن يأتيه بأربعة من كبراء المصر فساقهم ، وحين حضروا عنده ضرب أعناقهم ، فطرحوا بالعراء ، ثم أخرجوا على هيئة فرطهم من الإعراء. وكان فيهم ابنا خالة ، كانا في البلد على أحسن حالة ، وخالهما أبو حفص بن شيري ذو المكانة الوجيهة ، والموطّن لنفسه الكريمة على الكريهة [٢] ، وسيأتي ذكره في حصار الجبل ، وما كان له فيه من سداد الرأي والعمل. فأما أحدهما فجزع عند قتله ، وأما الآخر فصبر صبرا ما عهد من مثله ، وكان لا يخلو عن طهارة الحدث ، فاستقبل القبلة غير مكترث ، ودخل في صلاته وقرّ ، وضربته السّيوف حتى خرّ.

وعند ذلك ضاق الرّحب ، وعظم الرّعب [٣] ، وتعاور [٤] جثث القتلى من الحركات الجرّ والنصب ، فضاق الذرع بالمكروه ، وفرّ إلى البادية كثير من الأعيان / ٢١ / والوجوه ، واجتمعوا بابن شيري فأخبروه بما نزل ، وعزّوه فيمن قتل. وقالوا هذا أمر لا يطاق ، ونحن كل يوم إلى الموت نساق ، فإن تداركنا الأمر ببقية الذّماء ، أو شك أن نخلص من هذه الغماء ، وإلّا فزرعنا حصيد ، وما منّا إلّا من هو بشرك الشر مصيد [٥] ، وكيف لا نثقف في الرأي أحسن تثقيف ،


[١] ومفردها الأرقم ، وهو من الحيّات الذي فيه سواد وبياض. يقال للذكر أرقم ، ولا يقال حيّة رقماء ، ولكن رقشاء. والرّقم والرّقمة : لون الأرقم. قال رجل لعمر رضي الله عنه : مثلي كمثل الأرقم إن تقتله ينقم وإن تتركه يلقم. وقيل : الأرقم أخبث الحيّات وأطلبها للناس. والأرقم إذا جعلته نعتا قلت أرقش ، وإنما الأرقم اسمه. لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٢٤٩.

[٢] جناس ناقص بين" الكريمة والكريهة".

[٣] جناس ناقص بين" الرّحب والرّعب".

[٤] اعتوروا الشيء وتعوّروه وتعاوروه : تداولوه فيما بينهم. وفي الحديث : " يتعاورون على منبري أي يختلفون ويتناوبون كلما مضى واحد خلفه آخر. يقال : تعاور القوم فلانا إذا تعاونوا عليه بالضرب واحدا بعد واحد. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٦١٨.

[٥] استعارة مكنية فيها تشبيه للشر بالصائد الذي ينصب شركه للصيد.

نام کتاب : تاريخ ميورقة نویسنده : أبي المطرّف أحمد بن عميرة المخزومي    جلد : 1  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست