ملك قرطبة أبو الوليد. ولم يكن فيه إلى العفة التي جمّلت حاله خلّة تدل على فضيلة ، فما وجد فقده ، ولا بكت عليه سماؤه ولا أرضه. وتوقف أبو الوليد بعده عن تعيين قاض مدة طويلة ، وصرف النظر في الأحكام إلى وزيره أبي الحسن بن يحيى ، فانثال الناس وكثر تعبه ، وتفرّقت الأمور عليه ، وهو يصدرها كلها في واد رحب من سعة خلقه وحسن سياسته.
من كتاب ابن حيان : أن أبا الوليد أراح وزيره من أحكام القضاء ، وفرّغه لما كان بسبيله من تدبير الدولة ، واختار للقضاء ابن سراج المذكور ، من البيت المشهور ، جده سراج مولى الأمير الداخل. وذلك يوم الإثنين لاثنتي عشرة بقيت من صفر ، ثمان وأربعين وأربعمائة بعد جهد به ، وقسمه عليه ، قال : وهو مقيم على حاله إلى وقت إملاء هذا الكتاب وقد نيّف على الثمانين ؛ حسن البقيّة.
صاحب التصانيف الجليلة في الأصول والفروع والخلافيات ، أطنب ابن اليسع [٣] في ذكره بما هو من أهله ، وذكر أن له كتابا سماه بالمتحصل ، جمع فيه اختلاف أهل العلم من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وتسمية مذاهبهم ، وكتاب المقدمات في الفقه. وكناه ابن بشكوال في الصلة بأبي القاسم ووصفه بالخير والعقل والفضل وأنه كان محببا للناس. وتوفي يوم الجمعة الثالث عشر من رمضان سنة ثلاث وستين وخمسمائة ، ومولده في سنة سبع وثمانين وأربعمائة.
١٠٧ ـ أبو القاسم أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين [٤]
من صلة ابن بشكوال : قاضي الجماعة بقرطبة ، أخذ عن أبيه ، وتفقّه عليه وتقلّد القضاء مرتين ، وكان نافذا في أحكامه ، جزلا في أفعاله ، وهو من بيت علم ودين وجلالة وفضل ، وتوفّي
[١] ترجمته في الصلة (ص ٢٢٥) وبغية الملتمس (ص ٢٩٠) توفي سنة ٤٥٦ ه.