الأوّل : أنّ بعث الرسول كناية عن بيان الأحكام للعباد وإيصالها إليهم بذكر الملزوم وإرادة اللازم. فالتعبير بالبعث ليس لأجل خصوصيّة فيه ، نظير قول القائل : «لا اصلّي حتّى يؤذّن المؤذّن» ، حيث كان مقصوده الكناية عن دخول الوقت. وعليه يكون مفاد الآية : «ما كنّا معذّبين حتّى نبيّن الأحكام للعباد ببعث الرسول إليهم لتبليغها وإيصالها» ، فتدلّ الآية على نفي العذاب بمخالفة التكليف غير الواصل إليهم. هذا ما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاريّ في فرائد الاصول ٢ : ٢٢ ـ ٢٣.
الثاني : أنّ المتفاهم العرفيّ من الآية ـ بمناسبة الحكم والموضوع ـ أنّ بعث الرسل طريق إلى إيصال الأحكام إلى العباد ، فليس للبعث ـ بما هو بعث ـ دخل في نفي العذاب ، بل الملاك كلّه في نفي العذاب هو وصول الأحكام إلى العباد. فلو فرضنا أنّه تعالى بعث رسولا ، لكنّه لم يبلّغ الأحكام إلى العباد ـ لجهة من الجهات أو مصلحة من المصالح ـ يفهم العرف من الآية الشريفة نفي العذاب بالنسبة إليهم ؛ وكذا لو فرضنا أنّ الرسل بلّغوا الأحكام لكنّها لم يصل إلى العباد ، فإنّ هذا التبليغ في حكم عدم التبليغ. فإذا فحص المكلّف ولم يظفر بما يدلّ على حكم موضوع ، يكون مشمولا لقوله تعالى : (ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ،) فتدلّ الآية على البراءة. وهذا ما أفاده السيّد الإمام الخمينيّ في أنوار الهداية ٢ : ٢١ ـ ٢٢.
نام کتاب : كفاية الأصول - ت الزارعي السبزواري نویسنده : الآخوند الخراساني جلد : 3 صفحه : 12