و الثانى من الحروف الأحق بأن يكون تلو الألف فى التفهيم، هو الحرف
الذى هو منقطع النطق مقابلا فى ظهوره لبطون الألف و هو" الميم": و معناه
أنه التمام الذى ينتهى إليه الابتداء مطلقا أو مختصا، فلكل تمام ابتداؤه و لكل
ابتداء تمامه، و اعتباره الجسم فيما كان ألفه الروح و عالم الملك المرئى فيما كان
ألفه الأمر و بسيط الأرض فيما كان ألفه الكعبة أمنة الأرض فإذا خربت الكعبة أتى
الأرض ما توعد، و استقراؤه فى وقوعه انتهاء فى كلمة بدر التام الذى هو منهاه، و فى
كلمة الجسم الذى هو انتهاء خلقه، و فى كلمة الأديم الذى هو منتهى جسمه، و فى آدم
الذى هو منتهى خلق السموات و الأرض. و حيث تقع فى غير انتهاء الكلمة يكون فيها
تمام ما فى محل موقعها كالملك، فإن تمامه فى ابتدائه، و كذلك الملك و كالعمران فإن
تمامه فى توسطه ما بين العشرين إلى الستين، و كذلك الخمر فإن نشوتها فى توسطها. و
لن يفقد الفهم الذكى وجه اعتبار و استقراء، و إن ربك هو الفتاح العليم.
و الحرف الثالث المستحق لإيتاء تفهيم شفع هذين الحرفين، هو الحرف
الواصل بين باطن الألف و ظاهر الميم، و قائم الألف و مقام الميم و هو:"
اللام"، الذى كمّل حرفه فى اسمه الألف