نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 9
- و هو الرّوح الجسمانيّ- ثمّ خلق اللّه
الأجساد كما قال اللّه تعالى: مِنْها خَلَقْناكُمْ ...
[طه: الآية 55]. ثمّ أمر اللّه تعالى الأرواح أن تدخل في الأجساد فدخلت بأمر اللّه
تعالى كما قال اللّه تعالى: ... وَ نَفَخْتُ فِيهِ
مِنْ رُوحِي ...
[الحجر: الآية 29]. فلمّا تعلّقت الأرواح بالأجساد نسبت ما اتّخذت من
عهد اللّه الميثاق في يوم: ... أَ لَسْتُ
بِرَبِّكُمْ ... [الأعراف: الآية 172] فلم ترجع إلى الوطن الأصليّ، فترحّم الرّحمن
المستعان عليهم فأنزل إليهم كتابا سماويّا، تذكرة لهم بذلك الوطن الأصليّ كما قال
تعالى: وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ
[إبراهيم: الآية 5]- أي: أيّام وصاله فيما سبق مع الأرواح- فجميع الأنبياء عليهم
الصّلاة و السّلام جاؤوا في الدنيا و ذهبوا إلى الآخرة لذلك التّنبيه، فقلّما يذكر
منهم وطنه الأصليّ و يرجع و يشتاق إليه، و يصل إلى العالم الأصليّ، حتّى أفضت
النّبوّة إلى الرّوح الأعظم المحمّديّ خاتم الأنبياء عليه أفضل الصّلوات و أكمل
التّحيّات و على جميع الأنبياء و المرسلين فأرسله اللّه تعالى إلى هؤلاء النّاس
الغافلين ليفتح عين بصيرتهم من نوم الغفلة، و يدعوهم إلى اللّه تعالى و وصاله، و
لقاء جماله كما قال اللّه تعالى:
قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ
أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي ... [يوسف: الآية 108] و
البصيرة عين الرّوح، تفتح في مقام الفؤاد للأولياء، و ذلك لا يحصل بعلم الظّاهر بل
بعلم الباطن اللّدنيّ كما قال اللّه تعالى: ... وَ
عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً [الكهف:
الآية 65] فالواجب على الإنسان تحصيل تلك العين من أهل البصائر بأخذ
التّلقين من وليّ مرشد يخبر من عالم اللّاهوت.
فيا أيّها الإخوان: انتبهوا و سارعوا إلى مغفرة من ربّكم بالتّوبة
فادخلوا في الطّريق، و ارجعوا إلى ربّكم مع هذه القوافل الرّوحانيّة، فعن قريب
ينقطع الطّريق و لا يوجد الرّفيق إلى ذلك العالم، فما جئنا بتنقية هذه الدّنيا
الدّنيّة الخرّابيّة و لنقنع بالمهمّات النّفسانيّة الخبيثة فنبيكم عليه الصّلاة و
السّلام لأجلكم منتظر مغموم كما قال رسول اللّه 6:
«غمّي لأجل أمّتي الّذين في آخر الزّمان».
فالعلم المنزّل علينا علمان؛ ظاهر و باطن- يعني الشّريعة و المعرفة-
فأمر بالشّريعة على ظاهرنا، و بالمعرفة على باطننا، لينتج من اجتماعهما علم
الحقيقة كما قال اللّه تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ
يَلْتَقِيانِ (19) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ
(20) [الرّحمن: الآيتان 19، 20] و إلّا فبمجرّد علم الظّاهر لا تحصل الحقيقة، و لا
يصل إلى المقصود،
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 9