responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر    جلد : 1  صفحه : 10

و العبادة الكاملة بهما، لا بواحدهما، كما قال اللّه تعالى: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ‌ (56) [الذّاريات: الآية 56]- أي: ليعرفوني- فمن لم يعرفه كيف يعبده؟.

فالمعرفة إنّما تحصل بكشف حجاب النّفس عن مرآة القلب بتصفيته؛ فيرى فيها جمال الكنز المخفيّ في سرّ لبّ القلب كما قال اللّه تعالى في الحديث القدسيّ:

«كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف، فخلقت الخلق لكي أعرف» فلمّا بيّن اللّه تعالى خلق الإنسان لمعرفته وجبت عليه معرفته.

فالمعرفة نوعان: معرفة صفات اللّه، و معرفة ذات اللّه.

فمعرفة الصّفات تكون حظّ الجسم في الدّارين، و معرفة الذّات تكون حظّ الرّوح القدسيّ في الآخرة كما قال اللّه تعالى: ... وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ... [البقرة: الآية 87] و هم مؤيدون بروح القدس.

و هاتان المعرفتان لا تحصلان إلّا بالعلمين؛ علم الظّاهر و علم الباطن كما قال رسول اللّه 6: «العلم علمان: علم باللسان؛ و ذلك حجّة اللّه تعالى على ابن آدم. و علم بالجنان؛ فذلك العلم النّافع»[1].

و الإنسان يحتاج أوّلا إلى علم الشّريعة ليحصّل الرّوح كسب البدن به و هو الدرجات. ثمّ يحتاج إلى علم الباطن ليحصّل الرّوح كسب معرفته في علم المعرفة، و ذلك لا يحصل إلّا بترك الرّسومات الّتي هي مخالفة للشّريعة و الطّريقة، و حصوله بقبول المشقّات النّفسانيّة و الرّوحانيّة لرضاء اللّه تعالى بلا رياء و لا سمعة كما قال اللّه تعالى: ... فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:

الآية 110].

و عالم المعرفة: عالم اللّاهوت، و هو الوطن الأصليّ المذكور الّذي خلق فيه الرّوح القدسيّ في أحسن التّقويم.

و المراد من الرّوح القدسيّ الإنسان الحقيقيّ الّذي أودع في لبّ القلب، و يظهر وجوده بالتّوبة و التّلقين. و ملازمة كلمة لا إله إلا اللّه بلسانه أوّلا، و بعده بحياة القلب‌


[1] - رواه ابن أبي شيبة في المصنف( 7/ 82)، و في شعب الإيمان( 2/ 252)، و ابن المبارك في الزهد( ص 407)، و أحمد بن حنبل في الورع( ص 200).

نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر    جلد : 1  صفحه : 10
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست