نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 77
و مخبول، و جسدك كأنك ميت و إلى القبر
محمول، فالتسامع و التسارع في الأمر، و التقاعد و التجاهد و التقاصر في النهي، و
التماوت و التعادم و التفاني في القدر، فاشرب هذه الشربة، و تداو بهذا الدواء، و
تغذ بهذا الغذاء تنجح و تشفى، و تعافى من أمراض الذنوب و علل الأهواء، بإذن اللّه
تعالى إن شاء اللّه.
المقالة الرابعة عشرة في اتباع أحوال القوم
قال رضي اللّه تعالى عنه و أرضاه: لا تدع حالة القوم يا صاحب الهوى
أنت تعبد الهوى و هم عبيد المولى، أنت رغبتك في الدنيا و رغبة القوم في العقبى،
أنت ترى الدنيا و هم يرون رب الأرض و السماء، و أنت أنسك بالخلق و أنس القوم
بالحق، أنت قلبك متعلق بمن في الأرض و قلوب القوم برب العرش، أنت يصطادك من ترى و
هم لا يرون من ترى، بل يرون خالق الأشياء و ما يرى، فاز القوم به و حصلت لهم
النجاة، و بقيت أنت مرتهنا بما تشتهي من الدنيا و تهوى، فنوا عن الخلق و الهوى و
الإرادة و المنى فوصلوا إلى الملك الأعلى، فأرفقهم على غاية ما رام منهم من الطاعة
و الحمد و الثناء ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ [المائدة: الآية 54] فلازموا ذلك و واظبوا بتوفيق منه و تيسير بلا
عناء، فصارت الطاعة لهم روحا و غذاء، و صارت الدنيا إذ ذاك في حقهم نقمه و خزيا،
فكأنها لهم جنة المأوى إذ ما يرون شيئا من الأشياء حتى يروا قبله فعل الذي خلق و
أنشأ فيهم ثبات الأرض و السماء، و قرار الموت و الإحياء إذ جعلهم مليكهم أوتادا
للأرض التي دحى، فكن كالجبل الذي رسا، فتنح عن طريقهم و لا تزاحم من لم يفده عن
قصده الآباء و الأبناء، فهم خير من خلق ربي و بث في الأرض و ذرأ، فعليهم سلام
اللّه و تحياته ما دامت الأرض و السماء.
المقالة الخامسة عشرة في الخوف و الرجاء
قال قدّس سرّه العزيز: رأيت في المنام كأني في موضع شبه مسجد و فيه
قوم منقطعون، فقلت: لو كان لهؤلاء فلان يؤدبهم و يرشدهم، فأشرت إلى رجل من
الصالحين فاجتمع القوم حولي فقال واحد منهم: فأنت لأي شيء لا تتكلم؟ فقلت:
إن رضيتموني لذلك، ثم قلت: إذا انقطعتم من الخلق إلى الحق فلا تسألوا
الناس
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 77