نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 71
محمود في قضية العلم و العقل، و إن كان قسم
غيرك فلا تتعب فيما تناوله و لا يصل إليك أبدا، و إن كان ليس بقسم لأحد بل هو فتنة
فكيف يرضى العاقل و يستحسن أن يطلب لنفسه فتنة و يستجلبها لها، فقد ثبت أن الخير
كله و السلامة في حفظ الحال فإذا رقيت إلى الغرفة ثم إلى السطح فكن كما ذكرنا من
الحفظ و الإطراق و الأدب، بل يتضاعف ذلك منك، لأنك أقرب إلى ظلك و أدنى بالخطر،
فلا تتمن الانتقال منها إلى أعلى منها و لا إلى أدنى، و لإثباتها و بقاءها، و لا
تغير وصفها و أنت فيها، و يكون لك في ذلك اختيار ألبتة. فإن ذلك كفر في نعمة الحال
و الكفر يحل بصاحبه الهوان في الدنيا و الآخرة فاعمل على ما ذكرنا أبدا حتى ترقى
إلى حالة تصير لك مقاما تقام فيه فلا تزال عنه» فتعلم حينئذ أنه موهبة ظهر بيانها
و دليلها فتمسكه و لا تزل، فالأحوال للأولياء و المقامات للأبدال، و اللّه يتولى
هداك.
المقالة التاسعة في الكشف و المشاهدة
قال رضي اللّه تعالى عنه و أرضاه: يكشف للأولياء و الأبدال في أفعال
اللّه ما يبهر العقول و يخرق العادات و الرسوم فهي على قسمين جلال و جمال، فالجلال
و العظمة يورثان الخوف المقلق و الوجل المزعج، و الغلبة العظيمة على القلب بما
يظهر على الجوارح، كما روى النبي صلى اللّه عليه و سلم: «كان يسمع من صدره أزيز
كأزيز المرجل في الصلاة من شدة الخوف» لما يرى من جلال اللّه عزّ و جلّ و ينكشف له
من عظمته، و نقل مثل ذلك عن إبراهيم خليل الرحمن صلوات اللّه عليه و عمر الفاروق
رضي اللّه عنه.
أما مشاهدة الجمال: فهي تحلي القلوب بالأنوار و السرور و الألطاف، و
الكلام اللذيذ و الحديث الأنيس، و البشارة بالمواهب الجسام و المنازل العالية، و
القرب منه عزّ و جلّ مما سيؤول أمرهم إلى اللّه، و جف به القلم من أقسامهم في سابق
الدهور فضلا منه و رحمة، و إثباتا منه لهم في الدنيا إلى بلوغ الأجل و هو الوقت
المقدور، لئلا يفرط بهم المحبة من شدة الشوق إلى اللّه تعالى فتنفطر مرائرهم.
فيهلكون و يضعفون عن القيام بالعبودية إلى أن يأتيهم اليقين الذي هو الموت، فيفعل
ذلك بهم لطفا منه و رحمة و مداواة، و تربية لقلوبهم و مداراة لها إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ
[الأنعام: الآية 139] لطيف بهم، رَؤُفٌ رَحِيمٌ [التّوبة: الآية 128] و لهذا روي عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه
كان
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 71