responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر    جلد : 1  صفحه : 70

لذلك تلك الإرادة، و زالت تلك الحلة، و انعزلت تلك الولاية، فانهبطت تلك المنزلة و أظلمت تلك الأنوار و تكدر ذلك الصفاء، ثم تنبه و ذكر صفي الرحمن، فعرف الاعتراف بالذنب و النسيان، و لقن الإقرار فقال: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ‌ [الأعراف: الآية 23]، فجاءت أنوار الهداية و علوم التوبة و معارفها، و المصالح المدفونة فيها ما كان غائبا من قبل، فلم تظهر إلا بها، فبدلت تلك الإرادة بغيرها و الحالة الأولى بأخرى، و جاءته الولاية الكبرى و السكون في الدنيا ثم في العقبى، فصارت الدنيا له و لذريته منزلا، و العقبى لهم موئلا و مرجعا و خلدا، فلك برسول اللّه و حبيبه المصطفى و أبيه آدم صفي اللّه عنصر الأحباب و الأخلاء أسوة في الاعتراف بالقصور و الاستغفار في الأحوال كلها.

المقالة الثامنة في التقرّب إلى اللّه‌

قال رضي اللّه تعالى عنه و أرضاه: إذا كنت في حالة لا تختر غيرها أعلى منها، و لا أدنى، فإذا كنت على باب دار الملك لا تختر الدخول إلى الدار حتى تدخل إليها جبرا لا اختيارا، و أعني بالجبر أمرا عنيفا متأكدا متكررا، و لا تكتف بمجرد الإذن في الدخول، لجواز أن يكون ذلك مكرا و خديعة من الملك، و لكن اصبر حتى تجبر على الدخول فتدخل الدار جبرا محضا و فضلا من الملك، فحينئذ لا يعاقبك الملك على فعله، إنما تتعرض العقوبة لك لشؤم تخيرك و شرهك، و قلة صبرك و سوء أدبك، و ترك الرضى بحالتك التي أقمت فيها، فإذا حصلت فكن مطرقا غاضا لبصرك متأدبا، محافظا لما تؤمر به من الشغل و الخدمة فيها غير طالب للترقي إلى الذروة العليا. قال اللّه عزّ و جلّ: وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‌ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى‌ (131) [طه: الآية 131]، فهذا تأديب منه عزّ و جلّ لنبيه المختار صلى اللّه عليه و سلم في حفظ الحال و الرضا بالعطاء بقوله: وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقى‌ [طه:

الآية 131]، أي ما أعطيتك من الخير و النبوة و العلم و القناعة و الصبر و ولاية الدين و الغزوة فيه أولى مما أعطيت غيرك و أحرى، فالخير كله في حفظ الحال و الرضا بها و ترك الالتفات إلى ما سواها، أو أنه لا يخلو إما أن يكون قسمك أو قسم غيرك، أو أنه لا قسم لأحد بل أوجده اللّه فتنة، فإن كان قسمك وصل إليك شئت أم أبيت فلا ينبغي أن يظهر منك سوء الأدب و الشره في طلبه «فإن ذلك غير

نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر    جلد : 1  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست