نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 499
فالرجل هو المنازع لأقدار الحق بالحق للحق
لا الموافق لها كما قاله الشيخ عبد القادر الجيلي رضي اللّه عنه، و شرح هاته
الجملة أن مراده بالأقدار التي ينازعها حضرة الإرادة المجردة عن الأمر فينازعها
بالأمر الشرعي، فالإرادة هي أقدار الحق و قد نازعها بالحق الذي هو الشرع، و لو أنه
لم يدافعها لعصي ربه. اه.
قلت: و مما يزيدنا فهما لهذا المعنى قولهم من نظر إلى الخلق بعين
الحقيقة عذرهم و من نظر إليهم بعين الشريعة مقتهم، فالإمام الجيلي من كماله الأكمل
لم تثبطه إضاءة كشفه للحقيقة عن إجراء ظواهر الشريعة بالمدافعة الفعلية في وقت
كشفه الصحيح و اللّه أعلم.
المبحث الخامس: قول الإمام الجيلي قلبي في مكنون علم اللّه عزّ و جلّ
و ذكر أوصاف قلبه الزكي إلى أن قال فيما من اللّه به على قلبه الشريف أقعده مع
أرواح أهل اليقين على دكة بين الدنيا و الآخرة، بين الخلق و الخالق بين الظاهر و
الباطن. اه.
أما كونه في علم اللّه المكنون فإشارة منه رضي اللّه عنه إلى حديث
رويناه بالسند إلى صاحب مسند الفردوس بسنده إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه
قال: «إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العلماء باللّه، فإذا نطقوا به لم
ينكره إلا أهل العزّة باللّه».
و قد ذكر الحاتمي هذا الحديث، ثم قال بعد الحديث ما نصه: هذا و هو من
العلم الذي يكون تحت النطق، فما ظنك بما عندهم من العلم مما هو خارج عن الدخول تحت
حكم النطق، فما كل علم يدخل تحت العبارات و هي علوم الأذواق كلها.
و أما قوله في وصف قلبه الطاهر أن اللّه أقعده بين كذا و كذا ...
الخ. فمعناه ظاهر كما يفهم من كلامه بعد أي لا يشغله إرشاده الخلق عن توجهه إلى
الحق و لا العكس و لا تشغله الدنيا من الآخرة و لا العكس و لا الظاهر أي القيام
بوظائف الشرع الكريم عن الباطن، و هو الغوص في بحور الحقيقة و إفادة أهليها منها و
لا يشغله العكس و مثله في المعنى ما نقله في البهجة أيضا في فصول مقالات الجيلي
قدس اللّه سره في فتح اللّه للعارف، قال ينبت له جناحين جديدين و يرده إلى الخلق و
الوجود فيطير بين الدنيا و الآخرة بين الخلق و الخالق. اه.
و لا شك أن هذا الوصف الزكي حصل لقلب الإمام الجيلي في مياديه بأثر
سلوكه؛ لأنه نتيجة الخلوص من مشقة العقبات يحصل لصاحب مقام النفس المرضية
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 499