نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 36
فلما كان الإنسان جامعا للخواصّ بجميع
الكائنات علوّا و سفلا لم يخل الأنبياء و الأولياء من الزّلة، فإنّ الأنبياء
معصومون من الكبائر بعد النّبوّة و الرّسالة دون الصّغائر، و الأولياء ليسوا
معصومين، و قد قيل: الأولياء محفوظون بعد كمال الولاية من الكبائر.
قال الشّقيق البلخيّ رحمة اللّه عليه: علامة السّعادة خمسة: لين
القلب، و كثرة البكاء، و الزّهد في الدّنيا، و قصر الأمل، و كثرة الحياء.
و علامة الشّقاوة خمسة: قسوة القلب، و جمود العين، و الرّغبة في
الدّنيا، و طول الأمل، و قلّة الحياء.
و قال رسول اللّه 6: «علامة السّعيد
أربعة: إذا اؤتمن عدل، و إذا عاهد وفّى، و إذا تكلّم صدق، و إذا خاصم لم يشتم. و
علامة الشّقيّ أربعة: إذا اؤتمن خان، و إذا عاهد أخلف، و إذا تكلّم كذب، و إذا
خاصم يشتم النّاس و لا يعفو عنهم»[1]. كما قال
اللّه تعالى: ... فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ...
[الشورى: الآية 40].
و اعلم أنّ تبدّل الشّقاوة إلى السّعادة أو عكسه يكون بالتّربية كما
قال رسول اللّه 6: «كلّ مولود يولد على فطرة الإسلام و
لكن أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه»[2].
و هذا الحديث يدلّ على أنّ في كلّ واحد قابليّة السّعادة و الشّقاوة، فلا يجوز أن
يقال: هذا الرّجل سعيد محض، أو شقيّ محض، بل يجوز أن يقال: سعيد إذا غلبت حسناته
على سيئاته، و كذا عكسه. و من غيّر هذه فقد ضلّ؛ لأنّه اعتقد أنّ من النّاس من
يدخل الجنّة بلا عمل و توبة، أو يدخل النّار بلا معصية، فهذا القول خلاف النصوص
لأنّ اللّه تعالى وعد الجنّة لأهل الصّلاح و النّار لأهل المعاصي و الشّرك و الكفر
كما قال اللّه تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ
وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَيْها [فصّلت: الآية 46]، و قال
اللّه تعالى: الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ
الْيَوْمَ ... [غافر: الآية 17]، و قال اللّه تعالى:
وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى (39) وَ أَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (40) [النّجم: الآيتان 39، 40]، و قال اللّه تعالى: