responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر    جلد : 1  صفحه : 35

تاب و آمن و عمل صالحا يبدّل اللّه شقاوته إلى السّعادة و أمّا القدر في الأزل من السّعادة و الشّقاوة لكلّ واحد جامع، قال رسول اللّه 6: «السّعيد سعيد في بطن أمّه، و الشّقيّ شقيّ في بطن أمّه»[1]. فليس لأحد أن يبحث فيه؛ لأنّه من سرّ القدر، و لا يجوز أن يحتج أحد بسر القدر.

قال صاحب تفسير البخاريّ: إنّ كثير من الأسرار يعلم و لا يتكلم به كسرّ القدر، فإنّ إبليس أحال أمره إلى سرّ القدر فلعن بذلك، و إنّ آدم 7 أضاف عصيانه إلى نفسه فأفلح و رحم. و في الرّوايات ناجي بعض العارفين: إلهي أنت قدّرت، و أنت أردت، و أنت خلقت المعصية في نفسي، فهتف به هاتف: يا عبدي هذا من شرط التّوحيد، فما شرط العبوديّة؟ فعاد فقال: أنا أخطأت، و أنا أذنبت، و أنا ظلمت نفسي، فعاد الهاتف فقال: أنا غفرت، و أنا عفوت، و أنا رحمت.

و قد أوّلوا أنّ المراد من الأمّ في الحديث مجمع العناصر الّذي تتولّد منه قوى البشريّة، فالتّراب و الماء مظهر السّعادة؛ لأنّهما محييّا و منبتا العلم و الإيمان و التّواضع في القلب. و أمّا النّار و الرّيح فالعكس؛ لأنّهما محرقان و مميتان. فسبحان من جمع بين هذه الأضداد في جسم واحد كما يجمع بين الماء و النّار، و بين النّور و الظّلمة في السّحاب كما قال اللّه تعالى: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ‌ (12) [الرعد: الآية 12].

سئل يحيى بن معاذ الرّازيّ: بم عرف اللّه تعالى؟ فقال: يجمع بين الأضداد.

و لذلك كان الإنسان نسخة أمّ الكتاب، و مرآة الحقّ جلالا و جمالا، و مجموعة الكون، و يسمّى كونا جامعا و عالما كبرى؛ لأنّ اللّه خلقه بيديه- أي: بصفات القهر و اللّطف- لأنّه لا بد للمرآة من الجهتين- يعني: الكثافة و اللّطافة- فيكون مظهر الاسم الجامع بخلاف سائر الأشياء، فإنّها خلقت بيد واحدة- أي: بصفة واحدة-.

أمّا صفة اللّطف فقط كالملائكة، هم مظهر اسم السّبوح و القدّوس فقط.

و أمّا صفة القهر كإبليس و ذريّته و هو مظهر اسم الجبّار، و لذلك تجبّروا و تكبّروا عن السّجدة لآدم عليه الصّلاة و السّلام.


[1] - رواه مسلم بنحوه( 2645).

نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر    جلد : 1  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست