نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 25
و بعضهم بمنزلة العصبات، و بعضهم بمنزلة ذوي
الأرحام موكّلون على قشور العلم بالدّعوة إلى سبيل اللّه تعالى بالموعظة الحسنة، و
المشايخ السنيّة المتسلسلة سلسلتهم إلى عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه موكّلون
بمغزى العلم على باب العلوم بالدّعوة إلى اللّه تعالى بالحكمة كما قال اللّه
تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...
[النّحل: الآية 125] و قولهم في الأصل واحد، و في الفرع مختلف، و هذه المعاني
الثّلاثة في الآية كانت مجموعة في ذات النّبيّ 6، فلم
يعط أحد بعده جملة ذلك، فقسّم على ثلاثة أقسام.
القسم الأوّل: و هو لبّها: و هو علم الحال، أعطي للرّجال، و همّة
الرّجال به كما قال رسول اللّه 6: «همّة الرّجال تقلع
الجبال»[1]. و المراد
من الجبال قساوة القلب يمحو بدعائهم و تضرعهم كما قال اللّه تعالى: ... وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً
كَثِيراً ... [البقرة: الآية 269].
و القسم الثّاني: قشر ذلك اللّبّ: أعطي للعلماء الظّاهرة، و هو
الموعظة الحسنة، و الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر كما قال رسول اللّه 6:
«العالم يعظ بالعلم و الأدب، و الجاهل يعظ بالضّرب و الغضب»[2].
و القسم الثّالث: و هو قشر القشر؛ أعطي للأمراء، و هو العدل
الظّاهريّ و السّياسة المشار إليه بقوله تعالى:
وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النّحل: الآية 125]
فلهم مظاهر القهر، و سبب صيانة نظام الدّين كالقشر الأخضر من الجوز، و مقام
العلماء الظّاهر كالقشر الأحمر الشّديد، و مقام الفقراء من المتصوّفين العارفين هو
المغزى المقصود من خلف الشّجر و هو اللّبّ؛ و لذلك قال رسول اللّه 6: «عليكم بمجالسة العلماء، و استماع كلام الحكماء، فإنّ اللّه تعالى
يحيي القلب الميت بنور الحكمة. كما يحيي الأرض الميتة بماء المطر»[3]
و قال رسول اللّه 6: «كلمة الحكمة ضالّة الحكيم أخذها
[1] - أورده العجلوني في كشف الخفاء( 2/ 44) و قال: لم
أقف عليه أنه حديث، لكن نقل بعضهم عن الشيخ أحمد الغزالي:« همة الرجال تقلع
الجبال».