نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 24
في مرآة القلب كما قال عمر بن الخطاب رضي
اللّه عنه: رأى قلبي ربّي- أي:
بنور ربّي. فالقلب مرآة لعكس جمال اللّه تعالى.
و هذه المشاهدة لا تحصل إلّا بتلقين شيخ واصل مقبول من السّابقين،
ثمّ ردّ إلى تكميل النّاقصين بأمر اللّه تعالى، و بواسطة نبيّه 6.
فإنّ الأولياء للخواصّ مرسلون لا للعوام، فرقا بين النّبيّ و الوليّ؛
فإن النّبيّ يرسل إلى العموم و الخواصّ جميعا مستقلّا بنفسه و الوليّ المرشد يرسل
للخواصّ فقط غير مستقل بنفسه؛ فإنّه لا سعة إلّا بمتابعة النّبيّ، حتّى لو ادّعى
الاستقلال كفر، و إنّما شبّه النّبيّ 6 علماء أمّته
بأنبياء بني إسرائيل لأنّهم كانوا متابعين لشريعة المرسل و هو موسى عليه الصّلاة و
السّلام، لكنّ علماؤهم كانوا يجدّدونها، و يؤكدون أحكامها من غير إتيان بشريعة
أخرى، فكذا علماء هذه الأمّة من الأولياء، يرسلون للخواصّ لتجديد الأمر و النّهي و
استحكام العمل على التأكيد الأبلغ، و تصفية أهل الشّريعة. و هي في القلب موضع
المعرفة، و هم يخبرون بعلم النّبيّ 6 كأصحاب الصّفّة
كانوا ينطقون بأسرار المعراج قبل عروج النّبيّ 6
فالوليّ كامل الولاية المحمّديّة الّتي هي جزء النّبوّة، و باطنه أمانة عنده، و ليس
المراد منه من ترسّم بظاهر العلم؛ لأنّه و إن كان من الورثة النّبويّة لكن هو من
قبيل ذوي الأرحام، فالوارث الكامل من يكون بمنزلة الابن لأنّه من أقرب العصبات،
فالولد سرّ الأب ظاهرا و باطنا، و لذلك قال رسول اللّه 6: «إنّ من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلّا العلماء باللّه تعالى، فإذا
نطقوا به لم ينكره إلّا أهل الغرّة»[1]. و هذا هو
السّرّ الّذي استودع في قلب النّبيّ 6 ليلة المعراج في
أبطن البطون الثّلاثين ألفا، لم يفشها على أحد من العامّة سوى أصحابه المقرّبين و
أصحاب الصّفّة رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين و نفعنا اللّه ببركاتهم و أفاض
علينا من برّهم و إحسانهم آمين يا رب العالمين آمين و ببركة ذلك السّرّ قيام
الشّريعة المطهرة إلى يوم القيامة.
فالعلم الباطن يهدي إلى ذلك السّرّ، و كلّ العلوم و المعارف كلّها
قشر ذلك السّرّ، و أمّا العلماء الظّاهرة منهم ورثة السّرّ، بعضهم بمنزلة صاحب
الفروض،
[1] - رواه الديلمي في مسند الفردوس( 1/ 210)، و أورده
المنذري في الترغيب و الترهيب( 1/ 58) و عزاه للسلمي في الأربعين في التصوف.
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 24