و أنزل عليهم سكينة الأنس، و أنبت فيها شجرة التّوحيد، أصلها ثابت في
الأرض السّابعة، بل في تحت الثّرى، و فرعها في السّماء السّابعة، بل إلى ما فوق
العرش كما قال اللّه تعالى: ... كَشَجَرَةٍ
طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ
[إبراهيم: الآية 24].
و ربحه حياة القلب. و مشاهدته في عالم الملكوت مثل مشاهدة الجنان و
أهلها و أنوارها و ملائكتها، و مثل نطق الباطن بلسانه بملاحظة أسماء الباطن بلا
نطق و لا حرف. و مسكنه في الآخرة الجنّة الثّانية و هي جنة النّعيم.
و حانوت الرّوح السّلطانيّ الفؤاد، و متاعه المعرفة، و معاملته
بملازمة الأسماء الأربعة من المتوسطات بلسان الجنان كما قال رسول اللّه 6:
«العلم علمان: علم باللّسان؛ و ذلك حجّة اللّه تعالى على ابن آدم. و
علم بالجنان؛ فذلك العلم النّافع»[1]؛ لأنّ أكثر
منافع العلم في هذه الدّائرة. و قال رسول اللّه 6:
«إنّ للقرآن ظهرا و بطنا، و لبطنه بطنا، إلى سبعة أبطن»[2]،
و قال رسول اللّه 6: «إنّ اللّه أنزل القرآن على عشرة
أبطن»[3]. فكلّ ما هو
أبطن فهو أنفع و أربح لأنّه مفن».
و هذه الأسماء بمنزلة اثنتي عشرة عينا انفجرت من ضرب بعصا موسى عليه
الصّلاة و السّلام كما قال اللّه تعالى: وَ إِذِ
اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ
مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ ... [البقرة: الآية 60].
فعلم الظّاهر كالماء المطهّريّ العارضيّ. و علم الباطن كالماء
العينيّ الأصليّ، و هو الأنفع من الأوّل و لا ينقطع كما قال اللّه تعالى: وَ آيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَ أَخْرَجْنا
مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ [يس: الآية 33].
[1] - رواه الدارمي( 1/ 114)، و الربيع في مسنده( 1/
365)، و ابن أبي شيبة في المصنف( 7/ 82).
[2] - لم أقف عليه بهذا اللفظ، و روى ابن حبان نحوه في
صحيحه( 1/ 276)، و عبد الرزاق في المصنف( 3/ 358)، و البزار في مسنده( 5/ 42)، و
أبو يعلى في مسنده( 9/ 278)، و الطبراني في الكبير( 10/ 105)، و في الأوسط( 1/
236).