تمكن مني الحب فامتحق الحشى
و أتلفني الوجد الشديد المنازع
و أشغلني شغلي بها عن سوائها
و أذهلني عن الهوى و الجوامع
و قد فتكت روحي بقارعة الهوى
و أفنيت عن نحوي بما أنا فارع
تلذ لي الآلام إذ أنت مسقمي
و إن تمتحني فهي عندي صنائع
فقام الهوى عندي مقامي فكنته
و غيبت عن كوني فعشقي جامع
غرامي غرام لا يقاس بغيره
و دون هيامي للمحبين مانع
فؤادي و التبريح للروح لازم
و سقمي و الآلام للجسم تابع
و بعدي و أشجاني و شوقي و لوعتي
لجوهر ذاتي في الغرام طبائع
و شوقي نار و الهوى فهو الهوى
و تربى و الما و ذلتي و المدامع
يلوم الورى نفسي لفرط جنونها
و ليس بأذني للملامة سامع
و مذ أودعت أحشائي حبك إنني
لسهم قسى النائبات مواقع
و ما لي إن حل البلاء التفاتة
و ما لي إن جاء النعيم مراتع
و لا أن من يسلو ببعض غرائب
عن البعض بل بالكل ما أنا قانع
و شوقي ما شوقي وقيت فإنه
جحيم له بين الضلوع فراقع
و بي كمد لو حملته جبالها
لدكت برضواها و هدت صوامع
يخيل لي أن السماء على الثرى
طباقا و أني بين ذلك واقع
ولي كبد حراء من جزع بها
عليك و لم تبرد عليك مصالع
و نفسي نفس أي نفس أبية
ترى الموت نصب العين و هي تسارع
فهمي و فهمي ذا عليك و فيك ذا
وجدي و وجدي زائد و متابع
و عزمي زعمي أنه فوق كلما
تراءى و دمعي إنما هو نافع
تسامر عيني السها لسهادها
و تسأل بل ما سال إلا المدامع
و يطرق منك الطيف جفن بغيتي
و كم زاره طيف و ما هو هاجع
يخبرني عنك الصبا و هو جاهل
فتلتذ من أخباركم و المسامع
إذ زمزمت ورق على غصن بانة
و جاوب قمري على الأيك ساجع
فأذني لم تسمع سوى نغمة الهوى
و منكم فإني لا من الطير سامع
و عن أي أمن كان إن هب ضائع
لكم فيه من عطر الغرام بضائع
و إن زجر الرعد الحجازي بالصفا
و أبرق من شعبي جياد لوامع