نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 131
و تاركا للتكبر و التعظم و الأنفة، و جميع
ذلك أعمال صالحة ثوابها عند اللّه عزّ و جلّ.
المقالة السابعة و الستون في جهاد النفس و تفصيل كيفيته
قال رضي اللّه عنه و أرضاه: كلما جاهدت نفسك و غلبتها و قتلتها بسيف
المخالفة أحياها اللّه، و نازعتك و طلبت منك الشهوات و اللذات الجناح منها و
المباح، لتعود إلى المجاهدة ليكتب لك ثوابا دائما، و هو معنى قول النبي صلى اللّه
عليه و سلم: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر»، أراد مجاهدة النفس
لدوامها و استمرارها على الشهوات و اللذات، و انهماكها في المعاصي، و هو معنى قوله
عزّ و جلّ: وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) [الحجر: الآية 99] أمر اللّه عزّ و جلّ لنبيه صلى اللّه عليه و
سلم بالعبادة و هي مخالفة النفس، لأن العبادة كلها تأباها النفس و تريد ضدها إلى
أن يأتيه اليقين يعني الموت.
فإن قيل: كيف تأبى نفس رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم العبادة و هو
عليه الصلاة و السلام لا هوى له وَ ما يَنْطِقُ عَنِ
الْهَوى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى
(4) [النّجم: الآيتان 3، 4] فيقال إنه عزّ و جلّ خاطب نبيّه صلى اللّه عليه و سلم
ليتقرر به الشرع فيكون عامّا بين أمته إلى أن تقوم الساعة. ثم إن اللّه عزّ و جلّ
أعطى نبيّه عليه الصلاة و السلام القوة على النفس و الهوى، كيلا يضراه و يحوجاه
إلى المجاهدة، بخلاف أمته، فإذا دام المؤمن على هذه المجاهدة إلى أن يأتيه الموت و
يلحق بربه عزّ و جلّ بسيف مسلول ملطخ بدم النفس و الهوى أعطاه ما ضمن له من الجنة،
لقوله عزّ و جلّ: وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ
الْهَوى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى
(41) [النّازعات: الآيتان 40، 41] فإذا أدخله الجنة و جعلها داره و مقره و مصيره،
أمن من التحويل عنها و الانتقال إلى غيرها و العودة إلى دار الدنيا جدد له كل يوم
و كل ساعة من أنواع النعيم و تغير عليه أنواع الحال و الحلى إلا ما لا نهاية له و
لا غاية و لا نفاد، كما جدد في الدنيا كل يوم و كل ساعة و لحظة مجاهدة النفس و
الهوى.
و أما الكافر و المنافق و العاصي لما تركوا مجاهدة النفس و الهوى في
الدنيا و تابعوها، و وافقوا الشيطان تمرجوا في أنواع المعاصي من الكفر و الشرك و
ما دونهما حتى أتاهم الموت من غير الإسلام و التوبة، أدخلهم اللّه النار التي أعدت
للكافرين في قوله عزّ و جلّ: وَ اتَّقُوا النَّارَ
الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (131) [آل عمران: الآية
131] فإذا
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 131