نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 122
بحفظه سوى كونه موجودا في القدر، فعليه أن
لا ينازع في القدر بل يوافق و لا ينازع في جميع ما يجري عليه مما يحلو و يمر.
الأحوال معدودة فأمر بحفظ حدودها، و الفضل الذي هو القدر غير محدود فيحفظ.
و علامة أن العبد دخل في مقام القدر و الفعل و البسط أنه يؤمر
بالسؤال في الحظوظ بعد أن أمر بتركها و الزهد فيها، لأنه لما خلا باطنه من الحظوظ
و لم يبق فيه غير الرب عزّ و جلّ بوسط فأمر بالسؤال و التشهي و طلب الأشياء التي
هي قسمه، و لا بد من تناولها و التوصل إليه بسؤاله، ليستحقّ كرامته عند اللّه عزّ
و جلّ و منزلته، و امتنان الحق عزّ و جلّ عليه بإجابته إلى ذلك، و الإطلاق بالسؤال
في عطاء الحظوظ من أكثر علامات البسط بعد القبض، و الإخراج من الأحوال و المقامات
و التكليف في حفظ الحدود.
فإن قيل: هذا يدل على زوال التكلف و القول بالزندقة و الخروج من
الإسلام، ورد قوله عزّ و جلّ: وَ اعْبُدْ رَبَّكَ
حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) [الحجر: الآية 99]،
قيل لا يدل على ذلك و لا يؤدي إليه بل اللّه أكرم و وليه أعز عليه من أن يدخله في
مقام النقص و القبيح في شرعه و دينه، بل يعصمه من جميع ما ذكر و بصرفه عنه و يحفظه
و ينبهه و يسدده لحفظ الحدود، فتحصل العصمة و تتحفظ الحدود من تكليف منه و مشقة، و
هو عن ذلك في غيبة في القرب. قال عزّ و جلّ:
كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا
الْمُخْلَصِينَ [يوسف: الآية 24]، و قال عزّ و جلّ:
إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ
[الحجر: الآية 42]، و قال تعالى: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ
الْمُخْلَصِينَ (40) [الصّافات: الآية 40] يا مسكين هو محمول الرب و هو مراده، و هو
يربيه في حجر قربه و لطفه، أنى يصل الشيطان إليه و تتطرق القبائح و المكاره في
الشرع نحوه؟
أبعدت النجعة و أعظمت الفرية و قلت قولا فظيعا، تبّا لهذه الهمم
الخسيسة الدنية و العقول الناقصة البعيدة و الآراء الفاسدة المتخلخلة، أعاذنا
اللّه و الإخوان من الضلالة المختلفة بقدرته الشاملة و رحمته الواسعة، و سترنا
بأستاره التامة المانعة الحامية، و ربانا بنعمه السابغة و فضائله الدائمة بمنه و
كرمه تعالى شأنه.
المقالة الثامنة و الخمسون في صرف النظر عن كل الجهات و طلب جهة
فضل اللّه تعالى
قال رضي اللّه عنه و أرضاه: تقام عن الجهات كلها و لا تبصبص على شيء
منها، فما دمت تنظر إلى واحدة منها لا يفتح لك جهة فضل اللّه عزّ و جلّ و قربه،
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 122