نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 119
بروايته، و النحو و اللغة و الفصاحة و
البلاغة، و زوال الفقر و وجود الغنى و ذهاب البلية و مجيء العافية، و في الجملة
انكشاف الضر و مجيء النفع فليس بزاهد حقّا لأن كل واحد من هذه الأشياء فيه لذة
النفس و موافقة الهوى و راحة الطبع و حب له، و كل ذلك من الدنيا و مما يحبب البقاء
فيها و يحصل السكون و الطمأنينة إليها، فينبغي أن يجاهد في إخراج جميع ذلك عن
القلب، و يأخذ نفسه بإزالة ذلك و قلعه و الرضا بالعدم و الإفلاس و الفقر الدائم،
فلا يبقى من ذلك مقدار مص نواة ليخلص زهده في الدنيا، فإذا تم له ذلك زالت الغموم
و الأحزان من القلب و الكرب عن الحشا، و جاءت الراحات و الطيب و الأنس باللّه كما
قال صلى اللّه عليه و سلم: «الزهد في الدنيا يريح القلب و الجسد»[1]
فما دام في قلبه شيء من ذلك فالهموم و الخوف و الوجل قائم في القلب و الخذلان
لازم له، و الحجاب عن اللّه عزّ و جلّ و عن قربه متكاثف متراكم فلا ينكشف جميع ذلك
إلا بزوال حب الدنيا على الكمال و قطع العلائق بأثرها، ثم يزهد في الآخرة، فلا
يطلب الدرجات و المنازل العاليات و الحور و الولدان و الدور و القصور و البساتين و
المراكب، و الخيل و الحلى و المآكل و المشارب و غير ذلك مما أعده اللّه تعالى
لعباده المؤمنين، فلا يطلب على عمله جزاء أو أجرا من اللّه عزّ و جلّ البتة لا
دنيا و لا أخرى، فحينئذ يجد اللّه عزّ و جلّ فيؤتيه حسابه تفضلا منه و رحمة،
فيقربه منه و يدنيه و يلطف به و يتعرف إليه بأنواع ألطافه و بره كما هو دأبه عزّ و
جلّ مع رسله و أنبيائه و أوليائه و خواصه و أحبابه أولى العلم به عزّ و جلّ فيكون
العبد كل يوم في مزيد أمره مدّة حياته. ثم ينتقل إلى دار الآخرة إلى ما لا عين رأت
و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر، مما تضيق عنه الأفهام و تعجز عن وصفه
العبارات، و اللّه أعلم.
المقالة الخامسة و الخمسون في ترك الحظوظ
قال رضي اللّه عنه و أرضاه: ترك الحظوظ ثلاث مرات: الأولى يكون العبد
مارا في عشواه متخبطا فيه متصرفا بطبعه في جميع أحواله من غير تعبد لربه و لازم في
الشرع يرده و لا جده من جدود ينتهي إليه عن حكمه، فبينما هو على ذلك ينظر اللّه
[1] - رواه الطبراني في المعجم الأوسط( 6/ 177)، و
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد( 10/ 286)، و قال: فيه أشعث بن نزار و لم أعرفه، و
بقية رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم.
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 119