نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 101
المقالة الخامسة و الثلاثون في الورع
قال رضي اللّه عنه و أرضاه: عليك بالورع و إلا فالهلاك في زيقك ملازم
لك لا تنجو منه أبدا إلا أن يتغمدك اللّه تعالى برحمته، فقد ثبت في الحديث المروي
عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: «إن ملاك الدين الورع، و هلاكه الطمع، و
إن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، كالراتع إلى جنب الزرع يوشك أن يمد فاه إليه
لا يكاد أن يسلم الزرع منه»[1]. و عن أبي
بكر الصديق رضي اللّه عنه أنه قال: كنا نترك سبعين بابا من المباح مخافة أن نقع في
الجناح. و عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أنه قال: كنا نترك تسعة
أعشار الحلال مخافة أن نقع في الحرام، فعلوا ذلك تورعا في مقاربة الحرام أخذا بقول
النبي صلى اللّه عليه و سلم: «لكل ملك حمى»[2]،
و إن حمى اللّه محارمه، فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، فمن دخل حصن الملك
فجاز الباب الأول ثم الثاني و الثالث حتى قرب من سدته خير ممن وقف على الباب الأول
الذي يلي البر «فإنه إن أغلق عنه غلق الباب الثالث لم يضره و هو من وراء بابين من
أبواب القصر و من دونه حراس الملك و جنده، و أما إذا كان على الباب الأول فأغلقوا
عنه بقي في البر وحده فأخذته الذئاب و الأعداء و كان من الهالكين»، فهكذا من سلك
العزيمة و لازمها: إن سلب عنه مدد التوفيق و الرعاية و انقطعت عنه حصل في الرخص و
لم يحرج عن الشرع: فإذا أدركته المنية كان على العبادة و الطاعة و يشهد له بخير
العمل، و من وقف على الرخص و لم يتقدم إلى العزيمة إن سلب عنه التوفيق فقطعت عنه
أمداده، فغلب الهوى عليه و شهوات النفس، فتناول الحرام يخرج من الشرع فصار في زمرة
الشياطين أعداء اللّه عزّ و جلّ الضالين عن سبل الهدى، فإن أدركته المنية قبل
التوبة كان من الهالكين إلا أن يتغمده اللّه تعالى برحمته و فضله، فالخطر في
القيام مع الرخص، و السلامة كل السلامة مع العزيمة، و اللّه الهادي إلى سواء
الطريق.
[1] - رواه البخاري في صحيحه( 1/ 28)، و مسلم( 3/
1219)، و أبو داود في سننه( 3/ 243)، و النسائي في المجتبى( 7/ 242)، و ابن حبان
في صحيحه( 2/ 497، 15/ 380).
[2] - رواه البخاري في صحيحه( 1/ 28)، و مسلم( 3/
1219)، و ابن حبان( 12/ 380)، و الترمذي في سننه( 3/ 511)، و الدارمي( 2/ 319)، و
البيهقي في السنن الكبرى( 5/ 264، 5/ 334)، و ابن ماجه( 2/ 1318)، و أحمد في
مسنده( 4/ 270، 271)، و القضاعي في مسند الشهاب( 2/ 127، 128).
نام کتاب : سر الأسرار و مظهر الأنوار فيما يحتاج إليه الأبرار نویسنده : الجيلاني، عبد القادر جلد : 1 صفحه : 101