من التوجّه إلى مقام العزّة المطلقة، ثمّ
يفهم أنه لابدّ مع هذه العزّة من علم و قدرة أيضاً، و هكذا. فمن هذا العمل البسيط-
الذي هو ذكر يتلى حال السجود- يطّلع على العزّة المطلقة و العلم المطلق و القدرة
المطلقة لله تعالى. و هذا هو معنى أداء العمل للعلم، و ينظر إلى هذا المعنى قوله
تعالى: وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ.
فينبغي له أن يبادر بنشاط للأعمال الواجبة، و يجدّ في ترك المحرّمات؛
لأنَّ سلوك طريق الله يتنافى مع ترك الواجب و ارتكاب المحرّم. و بمراعاة هذين
الأمرين تسير جهود السالك و أتعابه في طريق الصلاح، و إلّا فما هي فائدة الزينة مع
تلوّث البدن، كذلك الأعمال المستحبّة و الرياضات الشرعيّة لن تكون مثمرة مع تلوّث
القلب و الروح. فليجدّ السالك في ترك المكروهات، و أداء الأعمال المستحبّة؛ لأنَّ
حصول مرتبة الإسلام الأكبر و الإيمان الأكبر تتوقّف على الأعمال، باعتبار أنَّ
لكلّ عمل خاصيّة تختصّ به تؤدّي إلى تكميل الإيمان، و إلى هذا المعنى اشير في حديث
محمّد بن مسلم:
الإيمانُ لا يَكُونُ إلَّا بالعَمَلِ، و العَمَلُ مِنهُ، و لا
يَثبُتُ الإيمانُ إلَّا بالعَمَلِ.