و هذا الحديث راجع إلى جهة بيان كيفيّات الحقائق لاكميّاتها، و
مدلوله: أننا معاشر الأنبياء- دائماً- ننزّل الحقائق العالية و نبيّنها بحسب فهم و
إدراك السامع، لأنَّ العقول البشريّة- بسبب انشغالها بزخارف الحياة و أمانيها
الفارغة و آمالها البعيدة- قد تكدّرت فلا تستطيع أن تدرك تلك الحقائق بنفس الدرجة
من الصفاء و الواقعيّة التي هي عليها. لهذا فالأنبياء العظام هم كمن يريد أن يبيّن
للأطفال حقيقة ما، يضطرّون إلى التعبير عنها بما يتناسب مع القوى الإدراكيّة و
الحسيّة للطفل. و كم عبّر الأنبياء العظام بواسطة مقام الشرع و الشريعة (و هم
حماتها) عن هذه الحقائق الحيّة بتعابير قد توحي إلى أنَّ هذه الحقائق تفقد الحسّ و
الشعور، و الحال أنَّ كلّ واحدة من هذه الظواهر الشرعيّة من صلاة و صوم و حجّ و
جهاد و صلة رحم و صدقة و أمر بالمعروف و نهي عن المنكر و ... لها حقائق حيّة ذات
شعور و إدراك.
و السالك هومن يريد أن يزيل- بخطى السلوك و المجاهدة، و بعون الله و
توفيقه- كدورة و حجاب النفس و العقل