و معيشته، إلّا بعد معرفة أحوال القمر لأنه
اختص بتدبير عالم البشر.
و اعلم يا أخي أن الإنسان هو الفرد، و جميع ما تحته فهو منسوب إليه،
و هو ملك سماء الدنيا و خليفة الشمس على عالم الأرض، و الشمس خليفة اللّه تعالى في
السماوات و الأرض، و كلّ كوكب في فلكه فإنما هو ملك ذلك الفلك و مدبّره و خليفة
الشمس فيه، و الشمس ملك الكواكب، و فلكها سيّد الأفلاك، و بها تتصل الحياة من معدن
الحياة، و منها تتصل بكل حي ناطق و حسّاس متحرّك، و لها صفات بها تختصّ و تفضل على
سائر الكواكب، بما فضّلها اللّه تعالى، و جعل لها القوّة الحافظة على جميع
الموجودات.
و اعلم أن القمر في جميع أموره كالإنسان، و ذلك أنه يبتدئ بالنشوء
كما ينشأ الإنسان، و له زمان يكون فيه كالصبي و حاله من بعد الولادة، و له زمان
الحداثة و الشبيبة، و له زمان قوة و استكمال، و له زمان كهولة و نقص، ثم لا يزال
كذلك حتى يعدم وجوده، و يغيب حتى لا يرى، و يستأنف نشأة أخرى. و كذلك حال مسيره في
دقائقه و منازله في البروج يشاكل مسير الإنسان في أمر معيشته و جميع متصرفاته.
فإذا كان ذلك كذلك، فيجب على من يريد الابتداء بمثل ما ذكرناه أولا من عمل السّحر
الحلال: الزّجر و الفال و الرّقى و العزائم، و عمل الخواتيم، و ربط الروحانيات، و
نصب الطّلّسمات، و وضع العلامات، و دفن الذخائر و استخراجها، و جميع ما أحبّ عمله
من حلّ و عقد و أعمال نيرنجات[1] و قلب
الأعيان، و تحويل الكيان من كيان إلى كيان، فليبدأ بمعرفة مسير القمر و معرفة
طبائع منازله و يعرفها منزلة منزلة، و يصحّح مسير الشمس و الكواكب من التقويم، فإن
ذلك معين على ما يريد الابتداء به. و ليكن نظره لذلك من التقويم
[1] -النيرنجات: جمع النيرنج، و هو أخذ كالسحر و ليس
به، يغير به صاحبه حقائق الأشياء في نظر الرائي، و مرجعه السرعة و خفة اليد.