رسالة النبات- و أيضا فإن النخل إذا قطعت
رءوس أشخاصه جفّت و بطل نموه و نشوءه، كما أن الحيوانات إذا ضربت أعناقها بطلت و
ماتت. فبهذا الاعتبار بان أن النخل نبات بالجسم، حيوان بالنفس، إذ كان أفعال النفس
الحيوانية أفعاله، و شكل جسمه شكل النبات. و في النبات نوع آخر فعله أيضا فعل
النفس الحيوانية، و إن كان جسمه جسما نباتيّا و هو الأكشوث[1].
و ذلك أن هذا النوع من النبات ليس له أصل ثابت في الأرض كما يكون
لسائر النبات، و لا له ورق كأوراقها، بل هو يلتف على الأشجار و الزروع و البقول و
الحشائش، و يمتص من رطوباتها، و يغتذي كما يفعل الدود الذي يدبّ على ورق الأشجار و
قضبان النبات، و يقرضها و يأكل منها و يغتذي بها.
و هذا النوع من النبات و إن كان جسمه يشبه النبات فإن فعل نفسه فعل
الحيوان.
فقد بان بما وصفنا أن آخر المرتبة النباتية متصل بأول الحيوانية، و
أما سائر المراتب النباتية فهي ما بين هاتين المرتبتين.
فصل
و اعلم يا أخي أن أول مرتبة الحيوانية أيضا متصل بآخر النباتية، كما
أن أول النباتية متصل بآخر المعدنية، و أول المعدنية متصل بالتراب و الماء- كما
بيّنا قبل.
و اعلم أن أدون الحيوان و أنقصه هو الذي ليس له إلّا حاسة واحدة و هو
الحلزون: و هي دودة في جوف أنبوبة، تنبت تلك الأنبوبة على الصخور التي في بعض
سواحل البحار و شطوط الأنهار، و تلك الدودة تخرج نصف
[1] -الاكثوث: نبت يتعلق بالاغصان و لا عروق له في
الارض.