سواه، كذلك النفس الكليّة متحدة بالحركة
الفلكية بإذن باريها، و كونها على ذلك إلى المدة المقدّرة و الحكمة المدبّرة.
فصل في مشاكلة جسم الإنسان للدوائر التي دون فلك القمر
رأسه يشبه دائرة الأثير و هي النار من جهة شعاعات بصره و حركة حواسه
و حرارة أنفاسه. و من فيه إلى أصل عنقه مشاكل لدائرة الزمهرير لمرور الماء البارد
عليها و جريانه فيها كما ينزل الماء من دائرة الزمهرير إلى الأرض، كذلك من فم
الإنسان يكون وصول الماء إلى جوفه و ما يظهر فيه من البصاق و ما يبدو من كلامه و
أصواته و زجراته و نهراته مثل الرعد و الصواعق و الثلوج المنحطة من دائرة
الزمهرير، و مثل ما ينفخ في فمه من الهواء البارد إذا أراد تبريد الحرارة. و صدره
مشاكل لدائرة الهواء و ما يتصل من أنفاسه و ما يسكن من رئته و ما يكون من ترويح
الحرارة الغريزيّة التي في قلبه. و جوفه مشاكل لدائرة الماء لاستقرار الماء فيه، و
الرطوبات التي لا تفارقه، و النداوة اللازمة له. و من سرّته إلى قدمه مشاكل لدائرة
الأرض لاستقراره عليه و كونه ملازما للأرض بسعيه فيها و الذهاب و المجيء. و من
جهة أخرى رأسه كالفلك المحيط، و القوى فيه كالملائكة الموكّلة بالفلك المحيط. و
كما ينحطّ من الروحانيات إلى العالم ما يكون به صلاحه فكذلك تنحطّ من القوّة
العاقلة من الرأس إلى الجسم ما يكون به صلاحها. و مثل نبات شعر رأسه مثل فلك زحل و
ما ينبثّ من روحانياته و ما يبدو عنه و يكون منه ثم كذلك إلى ما دونه إلى أن ينتهي
إلى فلك القمر موجود كل ذلك في بنية جسد الإنسان- و قد ذكرنا هذا الفصل بتمامه في
رسالة (الإنسان عالم صغير). و قوى نفسه الخاصّة بها إذا اعتدلت