الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت
السماوات و الأرض»؟ الآية.
و ما معنى قوله: «قال الذين أوتوا العلم و الإيمان لقد لبثتم في كتاب
اللّه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث»؟ الآية. و قوله: «إنما لبثتم إلّا قليلا.» و
ما شاكل هذه المسائل لو سألناك لطال عليك الخطاب.
فصل
اعلم أيها الأخ أن لكل مذهب و أهله رأيا ينفردون به عن غيرهم، و
علماء و فقهاء يتدارسونه فيما بينهم، و أن من رأي إخواننا، أيدهم اللّه، أن هذه
الأشياء كلها موجودة منذ خلق اللّه السماوات و الأرض، و لكن أكثر الناس لا يعلمون،
و هم ينتظرون كونها في الزمان المستقبل، و هم أهل التقليد الذين هم من أمر الدين
على العمى. و أما أهل البصيرة الذين هم من أمر الدين على بيان و يقين و معرفة فهم
ينتظرون بها انتظار الكشف و البيان، كما رأى النبي، صلى اللّه عليه و على آله و
سلم، ليلة المعراج. و قد بيّنا في رسائلنا هذه المعاني فإن كنت تعرف منها أيها
الأخ فبيّن لنا علم هذا على أصل تعرفه على قياس واحد لا يجب أن تعدل عنه إذا
سألناك، و لا تقلّد أقاويل الفلاسفة المختلفي الآراء المتناقضي الأقاويل. فقد روي
أنه ذكر في مجلس النبي، صلى اللّه عليه و سلم، أرسطاطاليس فقال النبي، 7: «لو عاش حتى يعرف ما جئت به لاتّبعني على ديني».
فينبغي لمن هو متزيّ بزي المسلمين، و معتصم بعروة الإسلام، منسوب إلى
أمة محمد، صلى اللّه عليه و سلم، مقرّ بما جاء به من التنزيل و ما في تنزيله من
أخبار أمور قد مضت مع الزمان الماضي، مثل بدء كون العالم و خلق السماوات و الأرض،
و حديث آدم، و قصة إبليس و عصيانه و سجود الملائكة و طاعتهم، و أخذ الميثاق على
ذريّة آدم، و ما شاكل ذلك من نظائره مما هو