اجتهاده، و ما قلت من تعلقه بأقاويل
الفلاسفة في آرائهم المختلفة، و قياساتهم المتناقضة على أصول لهم متغايرة.
فاصبر عليه أيها الأخ، و داره بالرّفق، و ذاكره بهذه الرسالة، فلعله
يتقرّر في نفسه ما تدعوه إليه، و يتصوّر في عقله ما تشير إليه من الأسرار المصونة
المكنونة التي لا يمسّها إلّا المطهرون. فقل له: أخبرنا أيها الأخ، أ مقرّ أنت بما
جاءت به الأنبياء، :، في تنزيلاتهم من أخبار الملائكة و قصة إبليس و
الجان، و حديث آدم و بدء خلقه، و سجود الملائكة له، و أخذ الميثاق على ذرّيّته، و
ما شاكل ذلك من حديث القيامة و البعث و الحشر، و الحساب، و الميزان، و الجواز على
الصراط، و النجاة من النار، و الثواب و الفوز، و الجنة و نعيمها و أشباهها مما هو
مذكور في التوراة و الإنجيل و الفرقان و غيرها من صحف الأنبياء، :، أم
جاحد بها؟
فإن كنت مقرّا بها أو ببعضها، فأخبرنا أ مصدّق متيقن بحقائقها أم شاك
متحيّر في معانيها؟ فإن كنت مصدّقا متيقنا، فأخبرنا أ عالم أنت عارف بها، أو غافل
ساه عنها؟ فإن كنت عارفا عالما بها، فأخبرنا عن الجنة و النار و هل هما موجودان في
وقتنا هذا أم غير موجودين؟ فإن كانا موجودين، فقل لنا أين هما وصف لنا كيفيتهما؟ و
إن قلت إنهما غير موجودين فما معنى قوله:
«يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ»؟ و ما معنى قوله: «النَّارُ يُعْرَضُونَ
عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا» و ما معنى قول النبي، صلى
اللّه عليه و سلم: «إن أرواح الشهداء في الجنة»؟ و ما معنى المعراج و رؤية النبي،
صلى اللّه عليه و سلم، لرضوان خازن الجنان، و مالك خازن النيران؟ و ما معنى قول
النبي، صلى اللّه عليه و سلم: «حرام على كل نفس أن تموت أو ترى مقعدها في الجنة أو
النار»؟ و ما معنى قوله: «من مات فقد قامت قيامته»؟ و ما معنى قوله تعالى: «و على
الأعراف رجال يعرفون كلّا بسيماهم»؟ الآية. و ما معنى قوله: «و من ورائهم برزخ إلى
يوم يبعثون»؟ و ما معنى قوله: «و أما