و اعلم أيها الأخ البارّ الرّحيم، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، أن
لنا إخوانا و أصدقاء من كرام الناس و فضلائهم متفرّقين في البلاد، فمنهم طائفة من
أولاد الملوك و الأمراء و الوزراء و العمال و الكتّاب، و منهم طائفة من أولاد الأشراف
و الدهاقين[1] و التجار و
التّنّاء[2]، و منهم
طائفة من أولاد العلماء و الأدباء و الفقهاء و حملة الدين، و منهم طائفة من أولاد
الصّناع و المتصرفين و أمناء الناس. و د ندبنا لكل طائفة منها أحدا من إخواننا ممن
ارتضيناه في بصيرته و معارفه، لينوب عنا في خدمتهم بإلقاء النصيحة إليهم بالرفق و
الرحمة و الشفقة عليهم، و ليكون عونا لإخوانه بالدعاء لهم إلى اللّه سبحانه، و إلى
ما جاءت به أنبياؤه، و ما أشارت إليه أولياؤه من التنزيل و التأويل لإصلاح أمر
الدين و الدنيا جميعا. و قد اخترناك أيها الأخ الرّحيم، أيدك اللّه و إيانا بروح
منه، لمعاونتهم، و ارتضيناك لمشاركتهم بما آتاك اللّه من فضله من العقل و الفهم و
التمييز و جرية النفس و صفاء جوهرها، لتكون مساعدا لهم و معاضدا لإخوانك، لأن
جوهرك من جوهرهم، و نفسك من نفوسهم، فانظر بعقلك و ميز ببصيرتك من ترى من إخوانك و
أصدقائك من الكتّاب و العمال و أهل العلم و الفضل و حملة الدين و الأديان، و من
تبعهم من حاشيتهم و غلمانهم، ممن يمكنك الوصول إليهم بأرفق ما تقدر عليه من اللطف
و المداراة بأن تذكر لهم ما ألقيناه إليك من حكمتنا و أسرار علمنا، لتنبههم من نوم
الغفلة و رقدة الجهالة، و تحييهم بروح الحياة بإذن اللّه تعالى، فإن اللّه يؤيدك
بنصره و يعينك بقدرته، إذا رأى منك الجدّ و الاجتهاد كما وعد أولياءه، فقال عز من
قائل:
«و لينصرن اللّه من ينصره» و قال تعالى: «فإن حزب اللّه هم
الغالبون». فإذا
[1] -الدهاقين: جمع دهقان و هو حاكم الإقليم، و رئيس
الفلاحين.