responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 79

فصل في كيفية وصول الآلام إلى النفوس الشريرة بعد مفارقة أجسادها و كيف تكون من جنود إبليس و حزب الشياطين‌

فنقول: اعلم أن الإنسان العاقل، إذا سمع أوامر الناموس و نواهيه و وعيده و زواجره، ثم لم يأتمر بحدوده و لم ينقد لأحكامه؛ أو سمع العلوم الحكمية، فلم يقم بواجبها، ثم أهمل أمر نفسه و أعرض عن النظر في مصالحها بعد مفارقتها الجسد، بل جعل أكثر عنايته في إصلاح شأن هذا الجسد و اهتمامه في تربيته، و اشتغل الليل و النهار بما يصلح الجسد من المأكولات و المشروبات و اللّبس و المركب و المسكن و جمع المال و الأثاث و زينة الدنيا، و استغرق في الشهوات الجسمانية، و غاص في اللذات الجرمانية، لا يفكر في غيرها و لا يهمه سواها، و تمنى الخلود في الدنيا، مع أنه يتيقن بأنه لا يترك هاهنا، و أفنى عمره كله ساهيا و لاهيا إلى الممات؛ ثم جاءته سكرة الموت بالحق التي هي مفارقة النفس الجسد على كره منها و إجبار منها، و تلك شربة لا بدّ من شربها لكل من دخل في عالم الأجساد و الأجسام الطبيعية الهيولانية، و بقيت عند ذلك نفسه بلا جسد و قد سلبت آلات الحواسّ التي كانت تنال بها اللذات الجسمانية و قد اعتادتها بطول الدّربة فيها، فانطبع في همّتها النزول إليها، و لا وصول لها إلّا بهذا الجسد و أعضائه، و قد منعت ذلك لكون مثلها عند ذلك كمثل من سلّت عيناه، و صمّت أذناه، و شلّت يداه، و قطعت رجلاه، و خرس لسانه، و شدّ منخراه، و عمي قلبه، و فارقته أحبابه، و جفاه أصدقاؤه، و تركه إخوانه، و هجره جيرانه، و ظفر به أعداؤه، و شمت به حسّاده، و ما بقي معه إلّا الروح في الجسد معذّبا، فلا هو حيّ يلذّ بالعيش، و لا ميت يستريح من العذاب كما قال تعالى:

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست