لا بمعنى أن هذه الأشياء ستوجد في الجنة على
حالات جسمانية، بل ستوجد أشياء روحانية: «ما لا عين رأت و لا أذن سمعت، و لا خطر
على قلب بشر.» و قال تعالى أيضا: «فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَ
طَلْحٍ مَنْضُودٍ وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ وَ ماءٍ مَسْكُوبٍ» و ما
شاكلها من أوصاف الأمور الجسمانية.
و تارة وصفها بأوصاف روحانية على قدر فهم المتوسطين مثل قوله تعالى:
«فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ» و قال: «فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ
لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ» و قال: «فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ
وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ» و قال:
«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ» و
ما شاكلها من الأوصاف الروحانية التي لا تليق بالأجسام الطبيعية.
و تارة وصفها بأوصاف هي بين الروحانية و الجسمانية مثل قوله تعالى:
أما ترى يا أخي أنه قال: مثل الجنة على سبيل التشبيه و التمثيل،
ليقرّب من الفهم تصوّرها، لأنه يقصر الوصف عنها بحقائقها، و إنما خاطب كل طائفة من
الناس بحسب عقولهم و مراتبهم في المعارف و الفهوم، لأن دعوة الأنبياء، :، عموم للخاص و العام جميعا و من بينهما من طبقات الناس. و قد صرّح المسيح،
7، في وصف الجنان و نعيم أهلها بأوصاف غير جسمانية، فقال للحواريّين في
وصية لهم: «إذا فعلتم ما فعلت و ما قلت لكم، تكونون معي غدا في ملكوت السماء عند
أبي و أبيكم، و ترون ملائكته حول عرشه يسبّحون بحمده و يقدّسونه، و أنتم هناك
ملتذّون بجميع اللذات بلا أكل و لا شرب.» و إنما صرح المسيح، 7، و لم
يرمز لأن خطابه كان مع قوم قد هذّبتهم التوراة و كتب الأنبياء، :، و
كتب الحكماء أيضا، و كانوا غير محتاجين إلى