الأنبياء، :، من صفة الجنة و
نعيم أهلها و عذاب النار و العقاب و أحوال القيامة كلّها حق و صدق لا مرية فيها، و
لكن ليس الأمر كما يعتقد هؤلاء الظّلمة الكفرة، بل أمر وراء ذلك لا يعلمه إلّا
اللّه و الراسخون في العلم.
و أما من يرى و يعتقد و يعلم أن للعالم بارئا حكيما، قادرا حليما،
جوادا كريما، غفورا رحيما، و أنه قد أحكم أمر عالمه على أحسن نظام، و رتّب تدبير
الخليقة على أتقن حكمة، و لم يترك فيه خللا، و لا تخفى عليه خافية في الأرض و لا
في السماء، و لا يرى في خلق الرحمن من تفاوت، فإن نفسه أبدا ساكنة هادئة مستريحة
من الألم و الآراء الفاسدة و أوجاع الاعتقادات الزائفة، و من وحشة ظلمات الجهالات
المتراكمة، و هو في راحة من نفسه، و الخلق في راحة منه. و من جهة في أمان لا يريد
بأحد سوءا، و لا يرى له عليهم فضلا، و لا يطالبهم بحق، و لا يشكوهم من جفاء، و لا
يصيبهم منه أذى، فهذه صفة إخوانك الكرام.
فهل لك يا أخي أن ترغب في صحبتهم، و تتبع منهاجهم، و تسير سيرتهم، و
تتخلق بأخلاقهم، و تنظر في علومهم و سياستهم، لتعرف أسرارهم و اعتقاداتهم، أو تحضر
مجلسهم لتسمع كلامهم و أقاويلهم، أو تقرأ رسائلنا هذه لعلّك توفّق لفهم معاني ما
تضمنته، و تنتبه لنفسك من نوم الغفلة، و تستيقظ من رقدة الجهالة، و تنفتح لها عين
البصيرة، فتحيا حياة العلماء، و تعيش عيش السعداء، و تصعد إلى ملكوت السماء؟