الحيوانية أيضا فهي نوعان: إحداهما ما تجدها
النفس عند الالتئام، و هي لذة الجماع، و الأخرى ما تجدها عند الانتقام و هي شهوة
تهيج عند الغضب.
و الفكرية ما تجدها النفس من اللذة عند تصوّرها معاني المعلومات، و
معرفتها بحقائق الموجودات. و الروحانية الملكية هي ما تجدها النفس من الراحة و
اللذة بعد مفارقتها الجسد التي هي الرّوح و الريحان.
فاللذة الشهوانية مشتركة بين الإنسان و الحيوان و النبات. و
الحيوانية الحسيّة مشتركة بين الإنسان و الحيوان دون النبات. و الفكرية مشتركة بين
الإنسان و الملائكة دون الحيوان. و الملكية الروحانية مختصة بالنفوس المفارقة
للأجسام الناجية من بحر الهيولى.
فالنفوس النباتية لها لذّات و ليس لها ألم كما قلنا قبل في رسالة
كراهية الحيوان للموت. و النفوس الملكية لها أيضا لذة و ليس لها ألم، كما قد تقدّم
بيان ذلك؛ لكن لها الخوف و الإشفاق كما قال تعالى:
«يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ» و قال تعالى: «هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ». فالنفوس الحيوانية لها لذة و ألم جميعا و لكن لذاتها كلها جسمانية.
فأما الأنفس الإنسانية فلها كل اللذات و الآلام الجسمانية و الروحانية جميعا، لذلك
نحتاج أن نبين و نشرحها واحدة بعد واحدة لتتضح و تتصوّر بحقائقها فنقول:
اعلم أن جميع اللذات التي تجدها النفس الإنسانية نوعان: منها ما
تجدها بمجرّدها، و منها ما تجدها بتوسّط الجسد، و هي سبعة أنواع: أحدها المدركات
بطريق النظر من محاسن الألوان و الأشكال و النقوش و التصاوير و الأصباغ الطبيعية
منها و الصناعية جميعا. و الثاني المدركات بطريق السمع من الأصوات و الألحان و
النغم و المدح و الثناء و ما شاكلها. و الثالث المدركات بطريق الذوق من الطعوم
الموافقة لشهواتها. و الرابع الملموسات المقوّية لأخلاط جسدها. و الخامس المشمومات
الملايمة لمزاج أخلاطه. و السادس لذة الجماع.