فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ
إِلى حِينٍ» و قال: فيها تحيون، يعني في الأرض، و فيها
تموتون، و منها تخرجون عند النفخ في الصور.
و إنما قيل إن جهنم هي سبع طبقات، لأن الأجسام التي دون فلك القمر
سبعة أنواع: أربعة منها هي الأمهات المستحيلات التي هي الأركان الأربعة و هي النار
و الهواء و الماء و الأرض، و ثلاثة هي الموّلدات الكائنات الفاسدات التي هي
المعادن و النبات و الحيوان.
ثم اعلم أن تلك النفوس لما أخرجت من الجنة عالم الأفلاك، أهبطت إلى
الأرض عالم الكون و الفساد الذي دون فلك القمر، و هي ساكنة في عمق هذه الأجساد، و
غريقة في بحر الهيولى القابل للكون و الفساد، و غائصة في هياكل هذه المتولّدات
منقطعة فيها كما قال تعالى: «وَ قَطَّعْناهُمْ فِي
الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَ مِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ.» و قال: «وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ
وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ».
و إنما قال لها سبعة أبواب لكل باب منها جزء مقسوم، لأن كلّ ما يجري
في عالم الكون و الفساد فبدلائل هذه السبعة السيارة، و إنما قال عليها تسعة عشر،
لأن دلائلها لا تظهر في عالم الكون و الفساد إلّا بمسيرها في هذه البروج الاثني
عشر، فجملتها تكون تسعة عشر، و هي التي بها يكون تقلّب أحوال الدنيا و ما تقتضيه
موجبات أحكامها في مواليد هذه الأجساد، و ما يدل عليها مما يصيبهم من الآلام و
الأوجاع، و الأسقام و الأمراض و الأحزان، من الجوع و العطش، و الحر و البرد، و
الفقر و الغنى، و الذّل و العبودية، و الغموم و الهموم، و نوائب الحدثان، و عداوة
الأقران، و حسد الجيران، و جور السلطان، و وساوس الشيطان، و نكبات الزمان، و مصائب
الإخوان، و خوف الموت، و وعيد ما بعد الموت المذكور في القرآن، و ما شاكل هذه
المصائب التي لا يحصى عددها التي هي النفوس المرهونة بها ما دامت مع هذه الأجساد.