responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 6

هذه الدار من السياسات من إصلاح أمر المعاش على الطريقة الوسطى، و تمهيد أمر المعاد على سنن الهدى و تهذيب النفس بالأخلاق الجميلة و الآراء الصحيحة و الأعمال الصالحة، كلّ ذلك بتوسط هذا الجسد المؤلف من الدم و اللحم.

ثم إن فارقته على بصيرة منها و من أمرها، و قد عرفت جوهرها، و تصوّرت ذاتها، و تبيّنت أمر عالمها و مبدئها و معادها، كارهة للكون مع الجسد، بقيت عند ذلك مفارقة للهيولى، و استقلّت بذاتها، و استغنت بجوهرها عن التعلق بالأجسام، فعند ذلك ترتقي إلى الملإ الأعلى، و تدخل في زمرة الملائكة، و تشاهد تلك الأمور الروحانية، و تعاين تلك الصور النورانية التي لا تدركها بالحواس الخمس، و لا تتصور في الأوهام البشرية، كما ذكر هذا في الرموزات النبوية أن في الجنة ما لا عين رأت و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر من النعيم و اللذة و السرور و الفرح و الرّوح و الرّيحان، كما قال اللّه تعالى: «فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَ أَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ» و قال: «فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ».

فأما إذا لم تستتمّ خلقة الجنين في الرّحم، و لا استكملت هناك صورته، أو عرض له عارض من النفس و الاعوجاج في عضو من الأعضاء، فإنه لا ينتفع بالحياة في هذه الدار على التمام، و لا يكمل له نعيمها كالعميان و الحرس و الطّرشان و الزّمنى و المفاليج و أشباههم، فهكذا تكون حال النفوس الجزئية عند مفارقة الأجساد البشرية.

و ذلك أن الجزئية إذا لم تستتمّ بالعلوم و المعارف، فإنها ما دامت مرتبطة بالأجساد البشرية متهيئا لها إدراك المحسوسات، فلا تستكمل صورها بمعرفة حقائق الأشياء ما دام لها العقل و التمييز و الرويّة، و لا هي تهذبت بالأخلاق الجميلة ما دام يمكنها الاجتهاد و العزيمة، و لا هي قوّمت اعوجاجها من الآراء الفاسدة، و قد أرهقتها أعمالها السيئة و أثقلتها أفعالها القبيحة، فإنها

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست