responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 58

النفس، كما بيّنّا في رسالة حكمة الموت. و لو لم تعرض للنفوس الآلام من الأشياء المفسدة لأجسادها، لتهاونت بها و تركتها متعرّضة للآفات، و كانت تفسد أكثرها قبل تمامها و كمال نفوسها.

و ذلك أن النفس الإنسانية لم يكن نشوؤها و لا تتميمها و لا تكميلها إلّا بتوسّط هذا الجسد المملوء من آثار الحكمة، كما بيّنّا في رسالة تركيب الجسد، و رسالة الحاسّ و المحسوس، و قد بيّنّا ذلك في رسالة الإنسان عالم صغير.

فبواجب الحكمة الإلهية ربطت بالأجساد البشرية، و ذلك أن النفس الإنسانية لا تعرف حقائق المحسوسات، و لا تتصور معاني المعقولات، و لا تقدر على عمل الصنائع، و لا تتخلق بالأخلاق و الأعمال الحميدة إلا بتوسّط هذا الجسد طول حياته إلى آخر العمر، كما قال تعالى: «وَ اللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً» و قال: «وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوى‌ آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً.» فلو لم يعرض للنفس الألم من الأشياء المفسدة للجسد، لكان الإنسان مثلا إذا نام فاستغرق في نومه، ثم مد يده و رجله فدخلتا في نار إلى جنبه فاحترقتا، و لم يكن يحسّ به حتى ينتبه من نومه، فإذا هو بلا يدين و لا رجلين، و كان يبقى طول عمره بلا آلة للمشي و لا أداة لاتخاذ الصنائع. و على هذا القياس حكم نفوس سائر الحيوانات، لو لم يكن يعرض لنفوسها الألم من الأشياء المفسدة لأجسادها، لتهاونت بها و تركتها متعرضة للآفات و الهلاك، كما أنه لو لم يكن يجعل لها شفقة على صغار أولادها و تحنّنا عليها، لتركتها و تهاونت بها، و لم تحتمل المشقة في تربيتها، و كانت تهلك كلّها قبل التمام، و كان مصير ذلك سببا لانقطاع النسل و دثور الصورة من المادّة. و قيل لبعض الحكماء:

أيّ أولادك أحب إليك؟ فقال: صغيرهم حتى يكبر، و عليهم حتى يبرأ، و غائبهم حتى يرجع. فإذا بواجب الحكمة جعلت تحس ما يلحقها من الآلام لحفظ أجسادها من التلف، و تحثّها على صيانتها من عوارض الآفات و الآلام.

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست