و الأمتعة، و الادخار لها. و منهم من تكون
شهوته و لذته في إنفاق المال، و اتخاذ المنازل، و إنشاء العقار و بنائه، و عمارته
الأرض، و الحرث، و النسل، و ربط الدواب و تربيتها و الاستكثار منها. و منهم من
تكون شهوته و لذته في الأكل و الشرب، و عشق النساء و الغلمان، و اللهو و اللعب و الغناء،
و لعب النرد، و القمار و الافتخار بها، و المباهاة و العصبية و الخصومات، و ما
شاكل ذلك من المبارزة في الحرب و القتال، و الغارات و النهب، و الفتن و الشرور و
العداوة. و منهم من تكون محبته للصوم و الصلاة، و الصدقات، و القراءة و التسبيح، و
الخشوع و البرّ و التقوى و العبادة، و ما شاكل هذه من أعمال الخيرات، و تكون نفسه
مشتهية لها ملتذة بها. و منهم من تكون محبته في لقاء أهل العلم، و استماع كلام
العلماء، و طلب العلوم و الأدب، و معرفة الأخبار و الروايات و الآثار. و منهم من
تشتهي نفسه علم النحو، و الشعر، و الخطب، و الفصاحة، و الأقاويل، و الكلام و ما
شاكل هذه و يلتذ بها، و منهم من يشتهي علم الحساب و الهندسة، و النجوم، و الطب، و
المنطق، و الرياضيات الحكميّة، و ما شاكلها و يكذّبها، و منهم من تشتهي نفسه علم
العزائم و الرّقى و السّحر و الكيمياء و الحيل و ما شاكلها و تلتذ بها.
و منهم من يشتهي النظر في علوم الطبيعيات و الإلهيات و البحث عنها، و
عن حقائق الموجودات الكائنات الفاسدات و الباقيات المخلّدات، كل ذلك على ما توجبه
أحكام النجوم في أصول مواليدهم و عاداتهم، عند نشوئهم على سنن آبائهم و أستاذيهم و
معلميهم، و من يصحبونه في الطلب طول أعمارهم من إخوانهم و أصدقائهم.
فانظر يا أخي بعقلك و ميّز ببصيرتك، و اختر لنفسك من هذه المشتهيات
ما يليق بها و ترضى لها به. و اعلم أن من الأمور ما هي جبلة مركوزة في النفس، و
منها ما هو عادة جارية، و ألفة معتادة، إذا دام عليها الإنسان، صارت جبلة و طبيعة
ثانية.