الرحمة، و شدّة القساوة، تعالى اللّه عن ذلك
علوّا كبيرا.
و من الآراء الفاسدة أيضا أنه يرى بأن أهل الجنة أجسادهم لحمية، و
أجسامهم طبيعية مثل أجساد أبناء الدنيا، قابلة للتغيير و الاستحالة، متعرّضة
للآفات. فإذا تأمّل ما وصف اللّه تعالى في صفات أهل الجنّة، لا يمسّهم فيها نصب، و
لا يذوقون فيها الموت إلّا الموتة الأولى، و أنهم خالدون، و ما شاكل هذه الأوصاف
المذكورة في القرآن التي لا تليق بالأجساد اللّحميّة و الأجسام الطبيعية.
و اعلم أنه لا يليق بالعقلاء أن يعتقدوها، فضلا عن عقول الحكماء، بل
النساء و الجهّال و الصبيان جيّد لهم، فإن هذا الرأي يليق بأفهامهم، و يصلح لهم، و
يقرّب من عقولهم ما وعدوا به و يوعدون من نعيم الجنان، و رهبتهم من عذاب النيران،
و يزيدهم خوفا من سوء أفعالهم فيتركونها، و يقوى رجاؤهم لثواب أعمالهم. و عليكم
بدين العجائز لائق في هذا المقام لا في مقام آخر.
و أما من رزقه اللّه قليلا من التمييز و العقل و الفهم، و نظر في
علوم الحكمة، فإن هذا الرأي لا يصلح له و لا يليق به، لأنه إذا عرضه على عقله،
أنكره عليه، فيقع عند ذلك في شكّ و حيرة و سوء ظن و تخيّلات فاسدة.
ثم اعلم أن أسوأ الناس مذهبا، و أشنعهم رأيا، من يعتقد أمرا، و يكون
عقله منكرا عليه، و نفسه مرتابة، و ظنه سيئا بربه، كما قال:
«ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ
مِنَ الْخاسِرِينَ» الآية.
و من الآراء الفاسدة من يعتقد أن اللّه خلق خلقا و ربّاه و أنماه و
أنشأه و سلّطه و قوّاه على عباده متمكّنا في بلاده، ثم ناصبه بالعداوة و البغضاء،
و هو إبليس و جنوده من الشياطين، و هم يفعلون ما يريدون على رغم منه! و هو الجاعل
لهم المشيئة، و الإرادة، و العداوة، و الاستطاعة، و طول العمر، و المهلة، و سعة
الرزق، و النعمة. فإن صاحب هذا الرأي، إذا فكر في أمر