responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 507

جعفر الغبيّ أمير؟ و عبد اللّه الحكيم حقير؟ و لم هذا الرجل ضعيف، و الآخر قوي صحيح؟ و لم هذه الدودة صغيرة، و هذا الجمل كبير؟ و لم الفيل، مع كبر جثته، له أربع قوائم، و البقّ، مع صغر جثته، له ست أرجل و جناحان؟ و لما ذا يصلح البقّ و الذّباب و القردان و البراغيث؟ و أي فائدة في خلق الخنازير و الوزغ‌[1]؟ و أي حكمة في خلق العقارب و الحيّات؟ و ما شاكل ذلك من المسائل التي لا يحصي عددها إلّا اللّه و لا يعلم سواه عللها.

فأما الإنسان فإنه لا يعرف الحكمة في عللها إلّا بعد النظر في العلوم الإلهية، و هو لا يعرف إلّا بعد النظر و التفكّر في الأمور الطبيعية، و هو لا يعرف إلّا بعد النظر في الأمور المعقولة، و هو لا يعرف إلّا بعد النظر و التفكّر في الأمور المحسوسة. فمن لم يكن مرتاضا بهذه العلوم و المعارف، و لا متأدبا بها، و لا صافي النفس، و لا صالح الأخلاق، فيبتدئ أولا بطلب الأمور المشكلة التي تقدم ذكرها فلا يدركها و لا يعقلها، فيرجع عند ذلك خاسرا متفكّرا متحيّرا غافلا بنفسه، وسواسا في قلبه، فينظر عند ذلك إلى أمر العالم مهملا، و الكائنات باتفاق لا بعناية حكيم، و لا صنع صانع عليم، أو نظر إلى أن رب العالمين غافل عن أمر عالمه، حتى يجري فيه ما لا يليق بالحكمة، أو يظن أنه لا يعلم ما يجري فيه، أو أنه لا يفكر في هذه الأمور الجزئية و لا يهمه، أو يظن أنه قاس قليل الرحمة و النظر لضعفاء الخلق؛ أو أنه جائر في قضائه و أحكامه، متعب لخلقه، مفرط في تقديره، غير عدل و لا حكيم في كثير من أفعاله، لا يرحم الضعيف، و ما شاكل هذه من الظنون و الشكوك و الحيرة و الضلال الذي قد تاهت في طلب معرفته عقول كثير من العقلاء المتقدّمين المرتاضين بالعلوم الحكمية، فكيف غيرهم ممن ليست له رياضة و لا معرفة بحقائق الأسرار المعروفة. و قيل إن حكيم الفرس بزرجمهر لما تفكّر في هذه الأمور


[1] -الوزغ: جمع وزغة، و هي المعروفة بسامّ أبرص، و أبي بريص.

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 507
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست