responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 505

و أفضل أعمال الخواصّ التفكّر و الاعتبار بتصاريف أمور المحسوسات و المعقولات، و بخاصّة ما يتعلق بالدين. و قد قيل: أفضل أعمال الخير خصلة واحدة و هي التفكر. قال اللّه تعالى: «قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى‌ وَ فُرادى‌ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا».

ثم اعلم أن الإنسان، إذا عقل الأمور المحسوسة و عرفها، و تفكر في الأمور العقلية و بحث عنها و عن عللها، استقبلته عند ذلك طريقتان: إحداهما، ذات اليمين، تؤدّيه إلى الهداية و الرّشاد، و الأخرى، ذات الشّمال، تؤدّيه إلى الغيّ و الضلال. و ذلك أن أمور العالم نوعان: كليات و جزئيات لا غير.

فإذا أخذ الإنسان يفكر في كلياتها، و يعتبر أحوالها و تصاريفها، و يبحث عن الحكمة فيها بانت له، و أمكنه أن يعرفها بحقائقها و أرشد إليها، فكلما تقدم فيه زاد هداية و يقينا و نورا و استبصارا و تحقّقا، و ازداد من اللّه قربا و كرامة. و إذا أخذ يتفكّر في جزئياتها، و البحث عنها و عن عللها، خفيت و انغلقت مناحيها، و كلما ازداد تفكرا ازداد تحيرا و شكوكا و من اللّه بعدا، و كان قلبه من أجل ذلك في عذاب أليم.

مثال ذلك أنه إذا ابتدأ الإنسان أولا و تفكر في نفسه، و نظر إلى بنية هيكله و نفسه، و كيفيّة تركيب جسده، و كيف كان أولا في صلب أبيه ماء مهينا، ثم كيف صار نطفة في قرار مكين، ثم كيف صار مضغة، ثم كيف كسا العظام لحما، ثم كيف صار جنينا بعد أطوار متعاقبة، ثم كيف قبلت فتيلة جسده نور شعاع فيض روح القدس الإلهي، ثم كيف أخرج من الرّحم الذي هو عالم كونه إلى الدنيا التي هي عالم آخرته، ثم كيف صار طفلا حسّاسا، ثم كيف تربّى و هو طفل صبي جاهل، ثم كيف نشأ و صار شابّا عالما أو جاهلا، ثم كيف صار رجلا عالما فيلسوفا حكيما مدبّرا متملكا على ما ملك، ثم كيف صار زاهدا عابدا، ثم، إن طال عمره، كيف يرجع كما كان بديّا ضعيفا ذاهب القوة، ثم كيف ظهر بعد

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 505
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست